الرئيسية » الممثلية التجارية الروسية بدمشق.. مزيد من الخطوات في طريق الهيمنة الاقتصادية

الممثلية التجارية الروسية بدمشق.. مزيد من الخطوات في طريق الهيمنة الاقتصادية

بواسطة يونس الكريم
لؤي رحيباني-عنب بلدي

طرح قرار موسكو بفتح “ممثلية تجارية” لها في دمشق، إشارات استفهام حول انعكاسات هذا القرار على الاقتصاد السوري، والأدوار التي ستلعبها الممثلية في البلاد.

وأصدر رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، في 11 من تشرين الثاني الحالي، أمرًا بافتتاح ممثلية تجارية لروسيا الاتحادية في دمشق العام الحالي، مؤكدًا إصدار توجيهات إلى وزارة الصناعة والتجارة بالتصديق على هيكل الممثلية وجدول موظفيها، وفق ما نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية.

روسيا تتخلص من تخمتها التجارية

تفتتح الدول ممثلياتها التجارية في دول مضيفة ترى فيها أهمية استراتيجية اقتصادية وتجارية، حيث تستهدفها بما ينعكس بالفائدة على البلد الأم، من خلال تفعيل استراتيجيات التنمية الاقتصادية.

وتنضوي الممثليات التجارية في أعمالها ضمن العمل القنصلي في الدول المضيفة، إذ يتفرع عن القنصلية ملحق تجاري منوط به تسهيل العمليات التجارية.

وتلجأ الدول إلى إنشاء ممثليات تجارية لتخفيف الأعباء عن قنصلياتها في الدول المضيفة، وبالتالي فصل العمل السياسي عن التجاري، بحسب المحلل الاقتصادي يونس الكريم، الذي أشار في حديث لعنب بلدي إلى أن روسيا تريد فصل أعمالها التجارية عن الجسد السياسي (القنصلية الروسية).

وأوضح الكريم أن إقدام روسيا على هذه الخطوة يشي بأن حجم أعمالها التجارية صارت كبيرة في سوريا.

تغلغل واستحواذ

عادة ما ترسل الدول المؤسسة للممثليات أشخاصًا يتحدثون لغة البلد المضيف، أو آخرين مزدوجي الجنسية (جنسية البلدين المتعاقدتين).

وبذلك، تهدف روسيا من خلال ممثليتها التجارية إلى خلق حاضنة لها في سوريا لتسهل التعامل التجاري بين الفئة الراغبة بالاستثمار في البلاد وبين سوريا، وفق ما قاله المحلل يونس الكريم.

وأضاف الكريم أن روسيا تريد اعتماد سوريا كمنصة للتسويق لمنتجاتها بتخفيض تكاليف النقل وزيادة تنافسيتها، وكذلك الاستفادة من موارد سوريا كدولة مضيفة، مشيرًا إلى أن الشركات التي استحوذت على الاستثمارات ستبدأ بتشكيل كيانات قانونية لإدارة الملفات التجارية في البلاد.

وبهذه الاستراتيجية سيضيق الخناق أكثر على عنق الاقتصاد السوري، الذي صار جزءًا من النفوذ الاقتصادي الروسي، وأصبح القرار الاقتصادي مستحوذًا عليه من روسيا، يضاف إلى ذلك أن الفوائد الاقتصادية الناتجة عن عمل الممثلية ستوجه إلى المصلحة الروسية، بطاقات وموارد سورية.

ويتوقع الكريم أن يخلق المشروع الروسي الاقتصادي صدامات مع النفوذ الإيراني، ومع مستفيدين في كنف النظام السوري، الذين يسعون للكسب الاقتصادي في البلاد أيضًا.

التفاف على “قيصر

يذهب المحلل الاقتصادي إلى أن روسيا تريد من الممثلية تجاوز عقوبات “قيصر” الأمريكية المفروضة على النظام السوري، وذلك بتجسيد فكرة ابتعاد روسيا عن الشكل الحكومي في تعاملاتها التجارية، من خلال التعامل مع التجار في سوريا بشكل مباشر.

وبدأت واشنطن، في 17 من حزيران الماضي، بفرض عقوبات بموجب قانون “قيصر” على النظام السوري، وشملت شخصيات سياسية وعسكرية، على رأسها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وزوجته أسماء الأسد، وشقيقته بشرى، وشقيقه ماهر، وزوجته منال الأسد.

كما شملت العقوبات شخصيات اقتصادية، مثل محمد حمشو وعائلته، ونادر قلعي، إضافة إلى شركات اقتصادية عائدة لرجال أعمال، أبرزها لرامي وإيهاب مخلوف ابني خال الأسد.

وتضاف هذه العقوبات إلى سلسلة عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي وواشنطن منذ عام 2011، بسبب قمع المظاهرات السلمية والأعمال العسكرية التي يشنها النظام السوري.

مطامع بعيدة المدى

يرى المحلل الاقتصادي فراس شعبو، أن افتتاح ممثلية تجارية هو استكمال لموضوع السيطرة الاقتصادية على سوريا، خصوصًا أنها تستهدف الشركات الصناعية والتجارية السورية بشكل كبير.

وفي حديث لعنب بلدي، أشار شعبو إلى أن هذه الشركات ستسارع لكسب هذه العلاقات، لأنها ستدر عليها أرباح ضخمة في حال طرح موضوع إعادة إعمار سوريا، موضحًا أن الدول ستتقاسم تكاليف إعادة إعمار سوريا، وسيتم الاعتماد على الشركات الموجودة على الأرض (التي تسعى إليها روسيا) للمشاركة بإنشاء هذه المشاريع.

إشراف من الميدان

من مهام الممثليات التجارية، تعيين موظفين وإداريين في المكاتب المفتتحة في الدول المضيفة، إذ تعمل كبديل عن المكاتب الرئيسة في البلد الأم.

وفي الحالة السورية، سيتم نقل مكاتب لوزارتي التجارة والصناعة الروسية إلى الداخل السوري، بهدف تسريع الأعمال للاستثمار، والحصول على العائدات بشكل سريع، مع إمكانية التحكم بالمشاريع ومراقبتها، نظرًا لأن الممثلية أصبحت موجودة على الأرض، وفق شعبو.

خمس سنوات من الهيمنة الاقتصادية

عملت روسيا منذ تدخلها في سوريا عام 2015 على دعم النظام السوري اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، بحجة مكافحة الإرهاب والتصدي لما يصفه النظام بـ“المؤامرة”.

وبدأت، خلال عام 2019، بالبحث عن فاتورة تدخلها ودعمها، فوقّعت مع النظام السوري عدة اتفاقيات في قطاعات حيوية وسيادية في الدولة، مثل استخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط والغاز وإنشاء صوامع قمح، علاوة على سعيها إلى توقيع اتفاقيات من أجل توسيع سيطرتها على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

واستطاعت موسكو تحصيل عدة عقود من دمشق، منها: عقد مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية الخاصة، في نيسان 2019، الذي نص على استثمار الشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ “طرطوس” لمدة 49 عامًا.

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روغوزين، أعلن، في كانون الأول عام 2017، أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي ستعمل في قطاع الطاقة السورية وإعادة بناء منشآت الطاقة.

وكان الخبير في الشأن الروسي الدكتور نصر اليوسف أكد، في حديث سابق لعنب بلدي، أن الروس على مدى خمس سنوات استثمروا الكثير في سوريا، وحصّلوا مكاسب لم تكن في حسبانهم قبل الانخراط في المعارك بسوريا، وقال إنهم “لن يسمحوا لهذا الصيد أن يفلت من يدهم، وبالتالي سوريا ستكون محكومة بإرادة روسية”.

وأضاف اليوسف أن بوتين يريد جعل سوريا تابعة بشكل كامل لدولته، موضحًا أن روسيا سيطرت على سوريا على مدى بعيد.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة