الرئيسية » ما أسباب تحسّن سعر صرف الليرة السورية.. هل نجحت سياسات المركزي بالإنقاذ!!

ما أسباب تحسّن سعر صرف الليرة السورية.. هل نجحت سياسات المركزي بالإنقاذ!!

بواسطة يونس الكريم
عين الفرات-يونس الكريم

بدأت الأسواق السورية صبيحة يوم الأربعاء، تشهد تحسناً بقيمة الليرة السورية، بعد انتكاسة وصل فيها سعر الدولار إلى قرابة الـ 5000 ل.س، ما آثار المخاوف بانهيار مؤسسات الدولة نتيجة عدم قدرتها على الاستمرار بتقديم خدماتها نتيجة ارتفاع التكاليف مقارنة بأسعارها، في الوقت الذي يتقاضى فيه موظفيها رواتب دون قيمة شرائية.

وعقب هذا النزول، وصل سعر الصرف حتى ظهيرة الأربعاء إلى 3950 ل.س مقابل الدولار، ليتساءل المواطنين عن أسباب الانخفاض، وإلى أين ممكن أن يصل؟

تعود أسباب تحسّن سعر الليرة السورية إلى عدة إجراءات اتخذها البنك المركزي ومنها:

أولاً، إلغاء الطلب، وهذا الأسلوب يمكن اعتباره أحد أدوات المركزي خلال إدارة “د.حازم قرفول” له، حيث نلاحظ تقلّص تدخل مؤسسات الدولة بالسوق السورية، فالمؤسسة السورية للتجارة باتت تبيع سلع بسعر السوق على قلة الكميات، كم أنَّ المواد التي توزع عبر البطاقة الذكية مقنّنة، ولا تكفي للاستهلاك اليومي، والاسعار مرتفعة بالنسبة للقدرة الشرائية ، دون أي كلام عن تدخل للجم الأسعار وتخفيضها.

ثانياً، تجميد العرض، فمن خلال الحملات الأمنية والضابطة الجمركية التي زاد نشاطها من بداية العام، مع إطلاق الفئة الجديدة من العملة السورية 5000 ل.س، التي قادت إلى تسريع انهيار سعر الصرف الليرة مقابل الدولار من جهة، كما أنَّ إلغاء الطلب نتيجة ضعف القدرة الشرائية وتوقف القروض الاستهلاكية والتقسيط، والتشديد بها وحتى القروض المتناهية الصغرى هي أيضاً تعاني من الروتين  بمنحها من جهة أخرى، جعل العرض غير مشجّع للتوسع به و هو ما خفف الحملة على الطلب على الدولار.

ثالثاً، التشديد حالياً على تطبيق القانون الذي أُصدر في حزيران عام 2020، والذي ينص على “توقف الحوالات الداخلية بين المحافظات لأكثر من مليون ليرة سورية، ومنع نقل أكثر من خمسة ملايين ليرة سورية في المركبة الواحدة بين المحافظات، وكل من يريد تحويل أكثر من مليون يقوم بتحويلها عن طريق البنوك، مع تشديد إجراءات البنوك وطلب عمولة ، كل هذه الأسباب أدت إلى وقف الاستهلاك والحياة التجارية.

إنَّ تطبيق القانون السابق جعل السفر ونقل البضائع بشكل فردي بين المحافظات أمر بالغ الصعوبة نتيجة ضعف السيولة، وبالتالي خفَّ الطلب على السلع، مما قاد إلى ضعف الطلب على الدولار.

رابعاً، تصريحات روسيا الأخيرة بضرورة فتح معابر بين تركيا والنظام السوري، أخاف التجار، حيث أنَّ الهدف الأساسي من طلب الدولار، هو السلع فمتى توفرت السلع الأساسية ينخفض الطلب على الدولار، حيث أنَّ السلع الأساسية تعتبر العامل الأهم حالياً برفع سعر صرف الدولار.

خامساً، سياسات الحكومة السورية الحالية التي بدأت  تتخذها من خلال تجميد استيراد السلع الكمالية، وإعادة توجيه الأموال التي تستخدم بإستيراد تلك السلع، إلى استيراد السلع الأساسية.

إلى جانب إجبار أمراء الحرب وموالي النظام، دعم الليرة السورية، وذلك من خلال تخويفهم برواية أنَّ عدم دعم النظام مادياً  قد يؤدي إلى خسارته لصالح المعارضة؛ فمثلاً قام علي ديك المطرب الشعبي بتصريف  مبلغ أكثر من 1.3 مليون دولار وغيرهم.

أخيراً، توقف الشمال الغربي لسوريا، عن التعامل بالليرة السورية، بالإضافة إلى انخفاض سعر الليرة التركية المتداولة، ساهم بإيقاف التهريب بين الطرفين، كون الأسعار تقاربت بينهم، مع التشديد الأمني وجمركي على أسواق حلب هو ما أعطى لليرة السورية فرصة للتحسن والانتعاش.

لكن يبقى السؤال الأهم، إلى أي مدى يمكن أن تتحسن الليرة السورية؟

إنَّ سياسات البنك المركزي خلال إدارة “د.حازم قرفول”، أثبتت فشلها جميعهاً، فهي تمضي من انتكاسة لأخرى، دون توقف.

فعند اتخاذ قرار منع الحوالات الداخلية العام الماضي، انخفض سعر الصرف الليرة السورية خلال الشهر الأول بمقدار 50% وحتى نهاية العام خسرت بمقدار 72.5% من قيمتها، كما أنَّ تجميد العرض لن يُنجح ذلك، لأنّ المواطنين سوف يحتاجون إلى شراء السلع لاستمرار الحياة، وهذا يقود إلى مزيد من السرقة والتزوير والفساد ، وهذا ما تخبرنا به إدارة الأمن الجنائية عبر تسريبات إعلامية.

وانتظار المساعدات الأممية لإنقاذ سعر صرف الليرة السورية، هي سياسة بائسة، تدل على عجز المركزي عن القيام بواجباته، وأنه ينتظر المعجزة للحل، كمعظم المواطنين السوريين الذين ينتظرون معجزة تجعلهم يتجاوزون واقع حياتهم.

ولا ننسى أنَّ تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، يحتاج إلى إعادة الواقع 2500 ليرة، إلى ما لا يقل 1.25 مليار دولار بحد الأدنى، مع توفّر السلع والخدمات، وهو أمر غير ممكن.

لأنَّ الأسلع تمَّ تسعيرها على أساس ٤٨٠٠ ليرة للدولار، وهي تحتاج على الأقل إلى دورة سلعية، أو توفير السلع بشكل كبير تقنع تاجر بتحمّل الخسارة، مما يعني أنَّ هذا الانخفاض ليس أكثر من مناورة، وأنَّ ارتدادات سعر الصرف بنهيار مزيد من قيمة الليرة سوف تكون كبيرة، إذا لم ينجح الروس في فتح المعابر مع تركيا، وإذا صرحت المنظمات الأممية بعدم القدرة على تلبية إحتاجات السوق السورية من المساعدات.

 

اترك تعليق

مقالات ذات صلة