22
اقتصادي:
وصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، الخميس الماضي ، مسجلة9.62 مقابل الدولار الأميركي، في “ضربة جديدة” جاءت عقب إعلان البنك المركزي خفض سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس من 18 % إلى 16 % والتي يراها الرئيس التركي أنها أساس لمكافحة التضخم.
وترتكر رؤية الرئيس أردوغان إلى طبيعة الثقافة التركية الإكتنازية، كما أن التوسع بالأعمال سوف يضخ المزيد من الدولارات في تركيا ويخفض الخارج منها بسبب إعادة تدويرها بالإقتصاد لأجل الربح.
وترتكر رؤية الرئيس أردوغان إلى طبيعة الثقافة التركية الإكتنازية، كما أن التوسع بالأعمال سوف يضخ المزيد من الدولارات في تركيا ويخفض الخارج منها بسبب إعادة تدويرها بالإقتصاد لأجل الربح.
لكن هذه الرؤية لا تتفق مع نائبي محافظ البنك المركزي إضافة إلى أعضاء من لجنة السياسة النقدية الذين يرون أن رفع أسعار الفائدة سوف يحسن القوة الشرائية لليرة التركية .
وهو ماقاد الرئيس التركي لإقالتهم أي نائبي المحافظ – تومين وأوجور ناميك كوجوك- إلى جانب عضو آخر في لجنة السياسة النقدية “عبد الله يافاش”، وحقيقةً إن نظرة نائبي المحافظ هي أكاديمية مخبرية ، وهي نظرة مكتبية لا تريد أن تدخل بإطار الإقتصاد الكلي والإقتصاد السياسي خوفاً على الحيادية وأن يتم اتهامهم بالاصطفاف إلى جانب أحد طرفي المعركة الإنتخابية المقبلة …
لكن لماذا الليرة التركية هي أحد أحاديث الشارع السوري شمال غرب الفرات و للمقيمين بتركيا ؟
يعود الإهتمام بالليرة التركية كونها العملة شبه الرسمية لتداولات السوريين شمال غرب الفرات، رغم قيامهم بشراء بضائعهم من الجانب التركي بالدولار بما فيها المحروقات، وهذا الإنخفاض يشكل فرصة لتحسين القدرة الشرائية للسوريين لكن الذي حدث هو العكس.
اdiv dir=”auto”>حيث شركة (وتد) أحد الشركات الرئيسية لنقل الوقود إلى إدلب قد رفعت أسعار المحروقات معللة الأمر بإرتفاع أسعار الوقود عالمياً تارة و تارة أخرى إلى إنخفاض الليرة التركية! ، والتي لا يتم تداولها بين التجار في تركيا إنما هي وسيلة تداول للمواطنين المستهلكين فقط.
كما أن السوريين في تركيا هم الآخرين مهتمين بالليرة التركية لسببين:
1- إن رواتب الكثير منهم تدفع بالليرة التركية التي وصل التضخم فيها الى١٩.٥% أي أن قيمة رواتبهم أقل ب ٢٠%من القيمة الاسمية وهذا يزيد وضعهم سوءا ً.
2- خوف السوريين من أن هذا الانخفاض سيستمر، مما يعني خسارة لأموالهم الموجودة في تركيا ، إضافة إلى أن استمرار الإنخفاض يعني صعوبة بتسيل مع ازدياد هجمة العداء و العنصرية تجاه السوريين.
وعلى الرغم من كل هذا إلّا إن خوف السوريين من حركة الليرة التركية على المدى القصير غير مبرر، و من يقف خلفها هم تجار الحوالات و تجار السلع و المحروقات ، الذين يحاولون تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بضوء التغيرات الاقتصادية التي تعصف بالملف السوري.
كما يحاولون تأمين أموال الحركات العسكرية التي يدعمونها لتكون المسيطرة بعملة الاندماج حيث الحركة العسكرية الأقوى مالياً أقوى بفرض الهيمنة.
أسباب تراجع الليرة ومؤثراتها على الساحة في الشمال السوري
على السوريين الذين يتعاملون بالليرة ان لا يهلعوا للتذبذبات وترك الأمور لأهل الإختصاص على الأقل بالأمد القصير ، وعدم التعامل بالليرة التركية وكأنهم بنوك أو حملة أسهم ، لأنه لا مصلحة لأي طرف من انهيار الليرة ولو كانت دولية، وذلك لأسباب كثيرة ومنها :
1- الضرر للقروض الخارجية على تركيا، حيث يبلغ الدين الخارجي ٤٥٠ مليار دولار والتي تشكل ٥٨% من الناتج المحلي الاجمالي ، وعند تعسر إقتصاد تركيا وعدم القدرة على الدفع سيضطر الدائنيين ( معظمهم مؤسسات مالية ) إلى عمل تسوية و خصم جزء من المبلغ أو الذهاب المؤسسة التركية المقترضة للإفلاس ، وهنا من المفيد الإشارة إلى أن ٦٥% من الدين هو للقطاع الخاص ، وهذا الأمر خطير على موقعهم المالي ( للجهات المقرضة).
2- أي اضطراب مالي سيؤثر على الاستقرار السياسي لتركيا من خارج منظومة الإنتخابات، وتركيا الآن تعتبر حاجز أمام الدول الاوربية من هجمات لجوء عنيفة ( أفغانستان ،إيران ،تركمستان ،سورية ،لبنان ، العراق….الخ) .
3- التذبذب بالعملة على المدى القصير لا يؤثر إلا بمقدار ما ينفقه المرء وإن تغير بقيمة الثروة يظهر على المدى المتوسط أو عند تسيل الأصل للحصول على ثمنه، في حين تذبذب العملة المتداول اعلامياً كأثر اقتصادي خطير، فهو يشير إلى أسعار الأسهم والسندات أي( البورصة) والتي تتم بمبالغ الكبيرة حيث يتم تحويلها بين الدولار_الليرة تركية .
4- الصرافين وخسائرهم الافتراضية ، حيث التسرع في تبديل العملة مرده إلى محاولة تحقيق ربح ، لكن عند الخسارة يمكن التريث ، ولن يتأثروا بشكل كبير والأسباب كثيرة منها، أن مشكلة الحكومة التركيا انقاذ عملتها وهي تملك أدوات أكثر من الصرافين والتي تضع كل ثقلها لحلها وأن خسارة الثروة للأفراد ليس من مصلحة الحكومة ، لذا عندما يطرأ تغير بالعملة لا يعرف مداه يكون التصرف بناء على عوامل الاقتصاد السياسي و الكلي .
5- حوالات السوريين بالدولار وتسعر بالدولار وهو ما يمكنهم من العودة إلى نظام الدفع والتعامل بالدولار داخل سوريا ، أما التعامل بالنسبة للرواتب بالتركي فأغلبهم بالداخل التركي والحكومة التركية بوزارة المالية والإقتصاد إضافة الى البنك المركزي وحتى الرئاسة يعملون على دعم القدرة الشرائية للجميع.
6- تركيا من الاقتصادات القوية عالمياً وتملك ادوات انقاذ ليرتها وضخ عمله اجنبية فيها منها القروض ومنها املاكها المسالة باوروبا كاستثمارات تجارية و ديونها وحلفائها، ومساعدات الامم المتحدة والدولية لمواجهة حملات اللجوء ..الخ وبالتالي مشكلة التذبذب بالسعر الصرف هو محاولة ضغط على تركيا لاختيار الجانب الذي سوف تقف عليه، وحتى على المدى المتوسط فان خسارة الليرة التركية ليست حقيقة لانها ترجمت بازمة كورونا بمعدلات نمو مرتفعة مقارنة مع الاقتصاد العالمي .
هناك الكثير من الاسباب التي تخفف وتجعل قلق السوريين من تذبذب العملة التركية لا مبرر له، حيث أنه للسوري ما يقلق عليه أكثر بدءاً من تجار المليشيات امر الواقع اللذين يتلاعبون بمصير القوى الشرائية له وليس انتهاءًا إلى من يشير أن قتلى الأسد هم ضحايا و عجز أمام النظام للقول قتلى المعارضة من الأطفال والأساتذة ليسوا إرهابيين ، وأن إصلاح الدستور هو تعويم الأسد للإبحار من جديد بدمائنا