88
اقتصادي – خاص:
استبعد وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي أن يستقيل من منصبه، بعد أن أدت تصريحاته حول حرب اليمن إلى أزمة مع السعودية، والتي بدأت تُلقي بظلال اقتصادية وسياسية على قدرة الحكومة اللبنانية الوليدة والمنهكة مسبقاً بإدارة ملفات كبيرة تحتاج إلى معجزة لحلها
أحد أدوات هذه المعجزة التي كانت تعول عليها لحل مشاكلها، هي المساعدة من السعودية، وقد سارعت الحكومة اللبنانية في بيان للتعبير عن “رفضها” للتصريح، مشيرة إلى أنه “لا يعبر عن موقفها”، لكن قرداحي أصر رافضاً “الاعتذار” عن “آرائه الشخصية” قائلا: “أنا لم أخطئ في حق أحد، ولم أتهجم على أحد، فَلم أعتذر؟”.
وتوالت دعوات من لبنانيين بمختلف الفئات (سياسيين وفنانين وصحفيين) إلى إقالة قرداحي وليس طلب الاستقالة منه. لكن ما يسمى بتيار المقاومة من “حزب الله” وحركة أمل وسليمان فرنجية وغيرهم انضموا للموقف الداعم لجورج قرداحي.
ويتساءل البعض لماذا كل هذا الإصرار على جورج قرداحي وهو لا يملك أي قاعدة شعبية داخلية أو دولية حتى، لماذا لا تتم إقالته وإنقاذ بيروت من حصار خليجي قد يسحق ما تبقى من اقتصاد لبنان ؟
إن أي إقالة لجورج قرداحي رغم عدم أهميته السياسية وحتى الدولية، مع إصرار الفرقاء الى تحويل الصراع حول بقاءه أو عدمه لإخفاء الوجه الحقيقي للصراع سوف تقود إلى :
١_ خروج جورج قرداحي من الحكومة وسيفقد ميشل عون وباسيل “الثلث المعطل” وهو ما يعني خروجهم من المشهد السياسي.
٢_ خروج جورج قرداحي سوف يرجح كفة الحكومة الموالية للسعودية على “حزب الله” وهو ما يعني إمكانية اتخاذ قرارات قد تضر بمصالح الحزب من إيقاف التهريب ومكافحته إلى التحقيق بقضية مرفأ بيروت، كما أن رئيس كتلة “حزب الله” في البرلمان اللبناني محمد رعد قال:” من يريد افتعال الأزمة الراهنة في لبنان يريد تعطيل الانتخابات التشريعية المقبلة”.
٣_ إن خروج جورج قرداحي قد يقود إلى فشل الحكومة وتصدعها و التي تشكلت بمخاض صعب دام ١٣ شهر بين فترة دياب و ميقاتي، وهو ما يقود إلى توقف مشروع دعم البنك الدولي للكهرباء، واستمرار تسليم الدفعات الأخيرة للقرض المخصص لأجل رفع الدعم، كما يقود إلى مزيد من الانهيار بالليرة اللبنانية والبنى التحتية، حيث أن دعم البنك الدولي لخط الغاز العربي و الكهرباء الأردني بتقدمة قروض منوط بوجود حكومة من أجل التوقيع على بنود القرض .
وللتنويه ما يحدث للبنان من تدخل البنك الدولي في الحياة الاقتصادية وتأثيره على السياسة، هو ذاته مدخل البنك الدولي للتدخل بسورية .
بالمقابل إن عدم خروج قرداحي من الحكومة ، فإنه:
١_ خسارة لبنان للحوالات المالية و التجارة مع الخليج والسياحة والاستثمارات وخاصة العقارية .
٢_ خسارة لبنان لموارده المالية يجعل قروضه من البنك الدولي غير مضمونة السداد وبالتالي يدخل مرحلة الفشل بالحصول على قرض تمويل الكهرباء.
٣_ إن خسارة لبنان للخليج سوف يعمق الفقر والبطالة وعدم قدرة الحكومة على إيقاف تدهور القوة الشرائية والانهيار النهائي للقطاع المصرفي.
٤_ عدم خروج قرداحي يعطي لـ”حزب الله” مزيد من السلطة مما يقود الى تسلطه على مؤسسة الجيش وترويضها، ويفتح المجال لإيران لإعادة ترتيب لبنان وفق مصالحها .
ولن يستطيع لبنان الخروج من هذه المعضلة إلا بانتخابات رئاسية جديدة تبعد عون الذي سلم الرئاسة الفعلية لحزب الله وأصبح المتكلم باسمه والمشرعن له.
بالنهاية قرداحي ليس أكثر من مجرد إعلامي فهم أن رئاسة المسيحية تقف إلى جانب إيران وسورية وأنهم أقوى من السعودية التي أدارت ظهرها مرات كثيرة للبنان . وأن تصريحه سوف يقربه من مصادر القوة وهو ذات سياق باسيل وميشل عون .
وكل حديث عن حكومة جديده ليس أكثر من إرجاء لتفجير يتعاظم مع الوقت