الرئيسية » تحرير الشام أقصى شرق حلب… كيف ولماذا؟

تحرير الشام أقصى شرق حلب… كيف ولماذا؟

بواسطة يونس الكريم
لم تتوقف يوماً هيئة تحرير الشام عن سعيها الحثيث للتمدد خارج حدود سيطرتها الجغرافية، ولطالما كانت أنظارها تتطلع إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني، الذي لا تنفك فصائله عن التناحر والاقتتال فيما بينها حول أصغر المشكلات كركن سيارة مثلاً وهو الأمر الذي حصل قبل أيام بين الفرقة التاسعة وأحرار الشرقية في شارع الفيلات داخل مدينة عفرين.
هيئة تحرير الشام التي تتمتع بالتنظيم الأعلى على مستوى فصائل المعارضة والتي تشهد مناطقها نسبة أمان أكبر بكثير من مناطق الجيش الوطني تحاول تصدير نفسها على أنها يمكن أن تكون خير من يدير مناطق شمال وشرق حلب بعد فشل الجيش الوطني في إدارة الملف الأمني هناك، وتحاول الهيئة التمدد في تلك المنطقة بمختلف السبل والوسائل وهو ما تحدث عنه زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني الذي التقى مؤخراً بفئة من مهجري وأهالي حلب وريفها في معبر باب الهوى قرب الحدود السورية التركية.
اللقاء جاء ضمن سلسلة لقاءات أجراها الأهالي مع نشطاء إعلاميين ووجهاء جبل الزاوية مؤخراً، وأشرفت مؤسسة أمجاد التابعة لهيئة تحرير الشام على بث أجزاء منها حملت الكثير من الرسائل لجهات مختلفة.
السؤال الأول الذي وجه لزعيم الهيئة كان عن وجود نية لاستعادة المناطق المحتلة أم الاكتفاء بما تسيطر عليه المعارضة؟،
ووجه الجولاني إجابة مختصرة بوجود استعدادات مستمرة لتحصين ما يملك والتجهز لاستعادة مناطق أخرى، ولم يمضي من الوقت إلا القليل حتى جاء السؤال الذي يريد الجولاني وهو عن كيفية حدوث النصر والمناطق المحررة مقسمة على مناطق عدة وفصائل عدة، فابتسم الجولاني وبدأ حديثه المطول والذي يبدو هو الهدف مما بُث من لقاءه مع أهالي ووجهاء حلب وريفها،
فتحدث الجولاني عن محاولات الاندماج السابقة، وضرورة وجود سلطة وإدارة ومؤسسات واحدة للمناطق وعقد المقارنة ما بين المنطقة التي يديرها في إدلب وما حولها وما تتمتع به من تنظيم ونسبة أمان عالية في ظل سلطته وإدارته الواحدة، وما تعيشه مناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني من وجود سلطات وإدارات ومؤسسات متعددة وتحدث عن استمرارية الفوضى والمشاكل على اختلاف أنواعها في مناطق الجيش الوطني متعدد السلطات.
وفي معرض إجابته عما قدم لتكون قوى الثورة صفاً واحداً تحدث زعيم الهيئة عن مد يده عشرات المرات للفصائل للاندماج في جسم واحد، وقال الجولاني رغم كل العقبات لو أرادت الفصائل أن تتوحد لفعلت ذلك ولن يقف في وجهها أحد، وكما تحدث عن عرضه الاندماج على الفصائل، وذلك في إشارة واضحة منه لرغبته في الاندماج وعدم رغبة الفصائل بذلك.
وأردف الجولاني الذي قال بأنه التقى أغلب قادة فصائل ووجهاء منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون بأن يتلقى مطالب بالتدخل والدخول إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني وانهاء حالة الفوضى بها وجعل واقعها كادلب.
وأوضح الجولاني بأنه لن يتدخل دون رضا الناس والفصائل هناك، وأشار إلى أنه عرض المساعدة الأمنية والعسكرية على فصائل الجيش الوطني حتى دون دخول الهيئة إلى تلك المناطق.
حول اجتماع الجولاني الأخير واللقاءات التي تجريها قيادات هيئة تحرير الشام مع فصائل الجيش الوطني تقول المصادر أن الجولاني لم يتخل عن طموحه بالسيطرة على كامل منطقة شمال غربي سوريا، وأن يكون القائد الوحيد لها، ولحين الوصول للوقت المناسب يسارع الجولاني وهيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ الخطى لإظهار حالة إدارة منطقة بشكل أفضل من باقي المناطق، وتعزيز الأمن والحالة الاقتصادية في إدلب والأرياف المحيطة بها الخاضعة لسيطرتهم وأن هذه النجاحات في إدارة المنطقة وضبطها يأمل الجولاني أن تأتي أكلها قريباً في اعتماده من قبل تركيا ليكون الخيار الأفضل لكامل المنطقة، وعلى المنظور البعيد يأمل في أن تنجح جملة الجهود والتغيرات في الإيديولوجيا والخطاب والتصرفات في إخراج نفسه وتنظيمه من قوائم الإرهاب، إضافة إلى أن الجولاني قد وصل الآن إلى مرحلة “إعلان” وجوده في مناطق سيطرة الجيش الوطني من خلال تغريدات القحطاني وزكور من اعزاز وما سبقها من تسريبات ثبتت صحتها بالاجتماع مع تشكيلات محددة من الجيش الوطني، وهذا الاعلان في التدخل بمنطقة كانت محرمة عليه منذ أن أخرجت تركيا آخر كتيبة للنصرة من اعزاز قبل بدء عملية درع الفرات؛ سيكون أكثر وضوحاً ورسمية.
بالربط بين المصادر لاقتصادي و تحركات ولقاءات الجولاني والتطورات على الأرض تؤكد عزم هيئة تحرير الشام اعلان وجودها في ريف حلب الشمالي لكن السؤال الأبرز أين وكيف؟
وهو ما تجيب عليه مصادر موقع اقتصادي الخاصة.
المصادر الخاصة تحدثت عن استعمال تحرير الشام ثلاث طرق للتمدد والتغلغل في مناطق سيطرة الجيش الوطني أولها بناء علاقات مع فصائل الجيش الوطني وثانيها التمدد عبر علاقات خاصة مع فرقة السلطان سليمان شاه التي يتزعمها “أبو عمشة” وثالثها التمدد السري وبناء نفوذ خاص هناك.
تحرير الشام تطرق أبواب شمال حلب عبر أكبر فصائله
العلاقات واللقاءات بين تحرير الشام وعدة فصائل في الجيش الوطني وعلى رأسها الجبهة الشامية بدأت تظهر للعلن بحسب المصادر في ربيع العام الحالي عند اختيار الهيئة تسليم ملف العلاقات مع فصائل الجيش الوطني للقيادي جهاد عيسى الشيخ الملقب أبي أحمد زكور، ولم يأت اخيار زكور عشوائياً فالرجل ينتمي لعشيرة البوعاصي التابعة لقبيلة البكارة إحدى أكبر قبائل سوريا وحلب على وجه الخصوص، كما أن زكور لم يكن له دور في الاقتتال الداخلي بين الفصائل سابقاً.
زكور ومنذ ربيع العام العالي بدأ بالترويج للعلاقة بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني عبر حسابه على تويتر فكان يغرد بين الحين والآخر عن مشاركته في ما وصفه “تصفير حل الكثير من المشاكل بين الهيئة و بقية الفصائل” واصفاً التقارب المأمول بين الطرفين سبباً بحدوث النصر.
زار كل من زكور مختلف مناطق ريف حلب الشمالي برفقة القيادي الكبير في هيئة تحرير الشام أبو ماريا القحطاني، ونشر صورة له على حسابه على تويتر من على دوار الجمل في مدخل المدينة وكتب عليها “‏أنا ب ‎أعزاز الآن بجولة على قيادات الجيش الوطني نسأل الله التوفيق”
وعلل زكور زياراته المتكررة إلى ريف حلب الشمالي واجتماعي بقادة الجيش الوطني بأن لا حل ولا أمل لتحقيق النصر و تقوية صف المجاهدين إلا بكسر الحواجز بين ادلب و الشمال سياسيا وعسكريا‏ بحسب قوله
وكانت الجبهة الشامية الوجهة الأبرز لموفدي الهيئة إلى شمال حلب فهي الفصيل الأبرز والأقدم هناك ولها رمزية كبيرة لكونها الإرث المتبقي من لواء التوحيد أحد أشهر فصائل الثورة السورية، وبالإضافة لاعتماد الجبهة الشامية على المرجعية الدينية ومجلس الشورى كما هو حال تحرير الشام.
موفد الهيئة زكور امتدح علاقتهم بالجبهة الشامية والتي التقى بأعضاء مجلس الشورى فيها، ووصفها برأس الحربة في حلب وريفها وافتخر بعلاقتهم معها ولم يغفل بالتنويه إلى تجنبه الاقتتال الداخلي والتحريض عليه سابقاً.
ولم يكتف زكور بامتداح الفصائل والتقرب لها بل وصف التنسيق بين فصائل الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام “بالواجب الشرعي والأخلاقي” ووصف أمن الشمال بأنه من امن إدلب
ولطالما كرر زكور حديثه بأن لا هدف له ولمن معه إلا التقارب بين الفصائل والتي وصفها “بالأخوة” وطالب السوريين بدعم هذا التقارب بهدف الوصول لما أسماه مشروع الثورة الجامع وإصلاح أخطاء الماضي وتحقيق النصر.
الشامية تخاف التحالف مع الهيئة وتخاف البقاء وحيدة
رغم كثرة اللقاءات وحملها الايجاب المبدأي إلا أنها لم تثمر حقيقة فمصادر موقع اقتصادي تحدثت عن تخوف حقيقي لدى قيادة الجبهة الشامية من تغلب هيئة تحرير الشام عليها وانهاءها كما فعلت الهيئة بعشرات الفصائل سابقاً، وهو الأمر الذي دفع بالجبهة الشامية لإعلان إنشاء غرفة القيادة الموحدة “عزم” في ١٥ حزيران الماضي، فالشامية أرادت اختبار الفصائل ومن يمكنه الوقوف إلى جانبها والانضمام إلى تحالف حقيقي معها من فصائل الجيش الوطني، لتحسم أمرها من قبول التحالف مع تحرير الشام من رفضه.
ورغم مشاركة فرقة السلطان مراد للجبهة الشامية في تشكيل غرفة القيادة الموحدة إلا وتوالي انضمام الفصائل إلى الغرفة إلا أن الشامية لم تستطع بناء تحالف حقيقي يتعدى التنسيق الأمني وملاحقة الخلايا وعصابات القتل والمخدرات.
المصادر أكدت بأن الجبهة الشامية فشلت ببناء تحالفها المراد منذ بدء المشاورات بسبب ولاء فرقة السلطان مراد المطلق لتركيا وتمسك جيش الاسلام بمشروعه الخاص الذي يوازي مشروع الشامية ومشروع تحرير الشام أيضاً، وتخوف تلك الفصائل وغيرها من دخول الهيئة إلى شمال حلب.
الجبهة الشامية رغم أنها أكبر فصائل ريف حلب وأقدمها لكن واقعها الحالي لا ينذر باستمرار مشروعها وتوسعه، وذلك لاعتمادها على تجميع المقاتلين على أساس مناطقي، وظهور ولاءات خاصة ضمن الفصيل ذاته، وعلاقتها الفاترة بتركيا والتي لن تتمسك بها في حال أرادت جهة ما الإطاحة بها وبوجودها، الأمر الذي يبقي الشامية في حيرة من أمرها لأي طرف ستنحاز ومع من ستبني تحالفها بعد إيقانها بعدم جدوى البقاء وحيدة في ظل التحالفات والاستقطابات التي تشهدها المنطقة.
تحالف خاص بين الجولاني وأبو عمشة
بالتوازي مع اللقاءات مع الجبهة الشامية وغيرها من فصائل الجيش الوطني والتي لا يبدو أنها تثمر فعلياً بنت هيئة تحرير الشام تحالف من نوع خاص من أبو عمشة قائد فرقة السلطان سليمان شاه المقرب من تركيا والذي أرسل مقاتليه للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود السورية في كل من ليبيا وأذربيجان.
رغم قيام تحرير الشام بإنهاء فصيل أبو عمشة السابق الذي حمل اسم سرية خط النار والذي كان يعمل في ريف حماة وهروب أبو عمشة إلى شمال حلب إلا أنه استطاع تشكيل فصيل قوي متماسك يصعد بقوة ملحوظة شمالي حلب، حيث يرى مراقبون بأن فصيل سليمان شاه هو الأكثر تنظيماً من الناحية العسكرية وتشبه الدورات التي يجريها لمقاتليه دورات الجيوش النظامية، وهذا أول أوجه الشبه بينه وبين تحرير الشام، أما ثاني أوجه التشابه بين الطرفين فيمكن في طريقة إدارة أبو عمشة لمنطقة شيخ الحديد التي يسيطر عليها بريف عفرين والتي تضاهي سيطرة الهيئة وتنظيمها في إدلب.
العلاقات بين الطرفين ولدت نتيجة مصالح متبادلة فأبو عمشة وجد نفسه وحيداً دون تحالف مع تنفيذ فصائل الجيش الوطني حملة أمنية لملاحقة المفسدين والمطلوبين. التي كادت تسبب صداماً بين الفصائل ويطيح بفصيله بعد وضعه رأس حربة في الحملة وصدامه مع الجبهة الشامية التي أرادت الهجوم عليه وخذلانه من قبل فصائل الفيلق الأول، الأمر الذي دفعه إلى الانتقال إلى صفوف الفيلق الثاني في منتصف نيسان الماضي.
أبو عمشة الذي خذلته فصائل فيلقه وتتوتر علاقته لفصائل أخرى ضمن فيالق الجيش الوطني وجد في هيئة تحرير الشام سنداً يحمي ظهره، وبدأت تتوطد العلاقة بين الطرفين عندما ذهب وفد من هيئة تحرير الشام لتعزيته بوفاة والدته وسرعان ما تطورت الأمور إلى دخول الطرفين في تجارة مشتركة فقوافل تحرير الشام باتت تصل إلى منبج تحت اسم وحماية فرقة سليمان شاه، وبحسب مصادر موقع اقتصادي فإن أبو عمشة قام بتجهيز مقار خاصة لفصيله في منطقة بابسقا الملاصقة لمعبر باب الهوى معقل الهيئة، وذلك بالإضافة لافتتاحه وبرعاية وتنسيق تحرير الشام لمقر أمني في منطقة أرمناز التي تسيطر عليها الهيئة ودون معرفة دوافع وأسباب سماح تحرير الشام لفصيل آخر إقامة مقر أمني وسط مناطقها.
لم تكتف تحرير الشام بمحاولات بناء التحالفات مع هذا الفصيل أو ذاك شمال حلب ولم تكتف بالمساعي الدبلوماسية واللقاءات مع الفصائل لتدخل تلك المنطقة فتحرير الشام باتت موجودة فعلياً في مدينة جرابلس أقصى شرقي حلب.
لماذا جرابلس تحديداً؟
كثيرة هي الأسباب التي دفعت هيئة تحرير الشام للتوجه نحو مدينة جرابلس دون غيرها مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي رغم أنها الأبعد إطلاقاً عن مناطق نفوذ الهيئة في إدلب وغرب حلب
أبرز هذه الأسباب يتعلق بطبيعة المدينة وريفها فبحسب مصادر موقع اقتصادي فإن هيئة تحرير الشام درست الوضع في مختلف مناطق سيطرة الجيش الوطني على النحو التالي:
تم استبعاد مدينة عفرين والتي تعتبر الأقرب وذات الاتصال الجغرافي المباشر بأريافها بمناطق سيطرة الهيئة لوجود إدارة تركية مباشرة في المدينة ولوجود أعداد كبيرة من المقاتلين المناوئين للهيئة والذي هجروا من مناطقهم على يدها ويسهل عليهم التعرف على أي من أتباع الهيئة وأفرادها في عفرين.
مدينة اعزاز هي الأخرى تم استبعاد خطة التمدد فيها وبمحيطها لما تتمتع به اعزاز من سيطرة أبنائها في الجبهة الشامية الفصيل الأبرز في شمال حلب والتي تحظى بشعبية كبيرة في المنطقة، وصاحبة المشروع المنافس لمشروع الهيئة في السيطرة والتمدد والتي تحاول الهيئة بناء تحالف معها عبر الطرق الدبلوماسية دون تعكير لصفو العلاقات الحميمية معها بتواجد عسكري للهيئة في منطقتها، وأيضاً لوجود ثقل وترابط للعائلات الكبيرة في المدينة وما حولها.
مدينة الباب كانت تحت أنظار الهيئة لكن كثرة التفجيرات فيها والعين الأمنية للشرطة العسكرية والفصائل العسكرية فيها دفعت الهيئة للابتعاد عنها خشية التعرف على اتباعها قبيل أن تتنامى قوتهم هناك.

كل تلك الأسباب دفعت بهيئة تحرير الشام لاختيار مدينة جرابلس بالتحديد ومدينة الراعي بدرجة أقل أهمية ويضاف إليها أسباب أخرى أبرزها:

ضعف سيطرة الفصائل على المدينة التي تسيطر عليها كل من الفرقة التاسعة التي لا يزيد عدد مقاتليها عن الألف مقاتل ولا ينتمون للمنطقة جغرافياً، حيث أن معظمهم ينحدر من منطقة دارة عزة ومناطق غرب حلب، ولواء الشمال الذي لا يزيد عدد مقاتليه عن ال٧٠٠ مقاتل، وعدم امتلاك الفصيلين الصغيرين للسلاح والعتاد الثقيل.
غياب نفوذ وثقل العائلات الكبيرة في المدينة وعدم وجود علاقة جيدة تجمع الفصيلين المسيطرين بسكان المدينة عوامل تساعد الهيئة على تنمية نفوذها في المدينة وما حولها.
وأيضاً تتطلع أنظار هيئة تحرير الشام إلى التجارة واستثمار المعابر والسيطرة على معبر جرابلس مع تركيا والسيطرة على خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية في الريف الجنوبي لجرابلس وافتتاح معبر تجاري خاص بها، وبذلك تصبح هيئة تحرير الشام لاعباً أساسياً في المشهد شمال وشرقي حلب حيث يسيطر الجيش الوطني، بحسب كلام المصادر.
مدينة الراعي هي الأخرى يسيطر عليها فصيل عسكري ليس من المنطقة ولا تربطه بسكانها علاقة طيبة فالخلافات بين الطرفين توقفت منذ فترة ليست بالبعيدة ويحافظ من تبقى من سكانها التركمان باستقلاليتهم في جميع أمور الحياة دون الاحتكاك مع أحرار الشرقية الذي يسيطر على المدينة والتي لا تتجاوز نسبة سكانها الأصليين من بين المقيمين فيها حالياً العشرون بالمئة بحسب تقديرات ناشطين محليين، مما يدفع بهيئة تحرير الشام لاستغلال هذه العوامل وبناء نفوذ لها هناك.

كيف تنمي تحرير الشام نفوذها في جرابلس ؟

خلال الحملة العسكرية لقوات النظام وحلفائها على أرياف حماة وحلب وادلب نهاية ٢٠١٩ والتي امتدت حتى مطلع آذار ٢٠٢٠ شهدت مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام موجة نزوح هي الأكبر خلال عقد كامل من الثورة والحملات العسكرية للنظام السوري وروسيا وأدت خسارة أكثر من ٣٠٠ قرية وبلدة ومدينة لانتقال الكثير من السكان نحو مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي بحثاً عن مسكن آمن خصيصاً بأن مدينة إدلب كانت على وشك السقوط ووصول قوات النظام لأطراف مدينة دارة عزة مما كان يهدد إدلب بالكامل.
مع انتهاء الحملة العسكرية وتوقيع اتفاق ٥ آذار بين روسيا وتركيا وميول الوضع نحو استقرار شبه تام في إدلب بدأ الكثير من المهجرين والنازحين بالعودة إليها إلا أن تحرير الشام أوعزت لأتباعها بالبقاء والتجمع في ريف حلب الشرقي وانتقل الكثير منهم إلى مدينة جرابلس والتي باتت أعداد النازحين فيها تشكل ٧٥٪ من المقيمين فيها مع نسبة ٢٥٪ من السكان المحليين الذين أصبحوا أقلية.
يتواجد أتباع الهيئة وعوائل مقاتليها في منطقة جرابلس بشكل طبيعي يمارسون حياتهم وتجارتهم وباشر حملة الشهادات العلمية بالدخول في سوق العمل كالتعليم والمنظمات وغيرها وذلك مع وجود أفراد منهم ينخرطون في الفصائل هنا وهناك لتجنب لفت الأنظار عن وجود السلاح بين أيديهم.
تتحرك العائلات بشكل طبيعي وربما لا يعلم أفرادها عن أسباب تواجدهم هناك بينما يتنقل الشبان والرجال التابعون للهيئة بين مناطق ادلب وجرابلس بسيارات تحمل مهمة عسكرية صادرة عن فيلق الشام بحسب ما ذكرته المصادر وما أكده مصدر لموقع اقتصادي الذي حصل بسهولة بالغة قبل أكثر من عام على مهمة عسكرية صادرة عن فيلق الشام لتجنب أي مضايقة يمكن أن يتعرض لها خلال زيارة عمل أجراها لريف حلب الشمالي.
ويحصل الكثير من المدنيين ومقاتلي هيئة تحرير الشام والناشطين على مهمات صادرة عن فيلق الشام لكونه الفصيل الذي يتواجد في كل من مناطق تحرير الشام والجيش الوطني ويحظى بعلاقة جيدة مع الطرفين وبقبول تركي كبير، ولا يستوجب الحصول على المهمة سوى معرفة جيدة بقائد إحدى المجموعات في الفيلق ليخرج ورقة المهمة ويضع ختمه التابع للفيلق عليها في غضون دقائق.
ومما يسهل تنقل عناصر الهيئة هو سيطرتهم على معبر دير سمعان وسيطرة فيلق الشام على طرفه المقابل من جهة الجيش الوطني في الغزاوية والتنسيق الكبير والتعاون بين الفصيلين.
وأفادت المصادر بأن هيئة تحرير الشام نقلت كميات كبيرة من الأسئلة الخفيفة بسيارات حملت مهمات صادرة عن فيلق الشام لمد أنصارها في جرابلس بالسلاح.
ذات المصادر أكدت على عدم نية الهيئة الدخول في صدام مسلح مع أي طرف حالياً لكنها تفكر في بناء تشكيل عسكري تابع لها لكن ظاهره مستقل في جرابلس يستقطب الشبان في المنطقة ويهدف للدخول والمشاركة في السيطرة على المدينة مشاركة مع الفصائل الحالية كخطوة أولى قبيل التفرد بها.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة