الرئيسية » التسوق الصامت

التسوق الصامت

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

دفع الخوف من الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى تغيير عادات الشراء المرتبطة بنهاية الشهر عند الأوروبيين، الذين اصطفوا طوابيراً عند صناديق الدفع في السوبر ماركت بشكل مبكر قبل نهاية الشهر والقلق يملأ عيونهم التي ترمي نظرات مبعثرة، كل على سلة غيره عله يكتشف ما نسي شراؤه لمواجهة المجهول القادم.
عربات التسوق المليئة بالقهوة والسلع القابلة للتخزين، على غرار نمط التسوق الذي فرضه كوفيد 19، تشير إلى حجم الهلع في قلوب الناس الذين يترقبون الأحداث، مع غياب وسلبية الرؤساء في التعامل مع أخبار الغزو الروسي، ففي داخل كل منهم أمل بحصول معجزة خرافية لإنقاذهم من الأسوأ الذي تمهد له الأخبار الاقتصادية التي تركز على خسارة الاتحاد الأوروبي اقتصادياً خلال ثلاثة أشهر وتجمدها !، وهو امر مبالغ فيه ، في حين تغيب تماماً عن وسائل الإعلام مناقشة الوضع الاقتصادي في روسيا، إذ يشير خبراء إلى أنها ستتأثر اقتصادياً بتداعيات الحرب في غضون 15 يوماً، أي قبل الاتحاد الأوروبي.
فروسيا بحاجة دائمة لاستيراد مختلف أنواع الأغذية والألبسة والمعدات الذكية لصناعة النفط والغاز والكهرباء وغيرها بل ان البورصة الروسيا خسرت ٤٥% من قيمتها البالغة حوالي ١٥٠ مليار دولار عد العقوبات على المصارف الروسية ورجال الاعمال اي تحجيم تجارتها ، بينما لن تغامر الصين بتقديم الدعم لموسكو وخسارة أسواقها في العالم، خاصة وأن الصين تستورد كثير من مكونات بضائعها  من دول الناتو وحلفائه.
كما أن شبح التضخم وزيادة الأسعار لن يكون أقل وطأة من صعوبة تأمين المستلزمات، فقد بدأت الأسعار السلع في أوروبا تتهيأ لارتفاع لا يقل عن 20%، رغم أن أسعار الطاقة ارتفعت 15% منذ أسابيع قليلة فقط، ويدور اليوم الحديث عن ارتفاع آخر مرتقب يقدر بـ 40%، فضلاً عن بداية مبكرة لأزمة الغذاء في العالم ، التي ارتسمت مقدماتها مع عدم إقبال مصدري القمح على تقديم عروضهم لمصر التي أعلنت عن مناقصة دولية لشراء القمح لم يتقدم لها سوى عرضاً واحداً، كان مصدره فرنسا التي يبدو أنه سيكون بديلاً عن القمح الروسي والأوكراني، لكن المخاطرة تدفع المصدرين بعيداً عن التعاقد بسبب استحالة تقييم السعر في ظل الحرب، علماً أن سعر القمح قفز بنسبة 4.3% في بورصة شيكاغو وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر 2012.
وسيزيد صعود الدولار الأمريكي متأثراً بالصراع، بنسبة 9% كلف السلع حكماً، كذلك ستلعب عوامل إضافية دوراً في مزيد من ارتفاع الأسعار وهما:
– مخاطر التعامل مع روسيا التي فرضت عليها عقوبات وغضب غربي.
– كلفة ناجمة عن عدم معرفة حدود الحرب والغزو، هل سيتوقف عند حدود الإقليمين أو سيشمل كامل أوكرانيا أم أنه سيمتد إلى جورجيا وأرمينيا، فلكل سيناريو مستوى أسعار يختلف عن الآخر.
– عدم اليقين من نوايا الصين إزاء غزو تايوان، ماقد يدفع باليابان لدخول حرب ضد الصين، لتصبح الفرصة مهيأة أمام الهند لضرب الصين، ما يفتح الباب أمام باكستان لاستهداف الهند بسبب انشغالها بالحرب مع الصين لحل مشكلة الكشمير .

أما في العالم العربي، فالفرصة لنشوب النزاعات والحروب كبيرة جداً، لأن التوترات والمشاكل في كل دولة موجودة كفتيل جاهز للاشتعال.
فمصر تواجه خطر العطش مع تعنت الرئيس الإثيوبي أبي أحمد علي وعدم التزامه بتزويد مصر بالمياه، فضلاً عن مخاطر تضررها من  سد النهضة عند تنفيذ الملء الثالث، فقد يتحول إلى قنبلة مائية تبتلع السودان وأجزاء من مصر، ولن يفيد بعدها أي حل عسكري.
والآن بزحمة انشغال العالم بازمة اوكرانيا والخوف من غزو الصين لتايون،  والوضع المصري المفتوح على أزمات الأمن الغذائي والصراع السياسي بين السيسي  مع الجيش، يبدو خيار الحرب مغر تزامناً مع فشل إيقاف روسيا عن غزو أوكرانيا.
والأمر ليس بأفضل في دول المغرب العربي ذات الحدود الهشة والهدر الغازي ونفط بل والجفاف هناك يجعل الحرب اقل كلفة ، يضاف إليها وضع سوريا المتآكل منذ سنوات إثر صراع متعدد الأطراف، مع تنافس حالي بين النظام وتركيا،  لإستغلال ازمة غزو اوكرانيا  وانشغال التحالف الدولي،  الدخول في  سباق لاجتياح مناطق الادارة الذاتية تدمير قوات قسد وكبحها.
وفي ذات النطاق الجغرافي، قد تجد إسرائيل في انشغال العالم بالنزاع الروسي الأوكراني فرصة لضرب قاعدة “حميميم” الروسية بريف اللاذقية دعما للغرب ومنعا من منافستها الاقتصادية والعسكرية بالمنطقة ، إضافة لضرب معاقل “حزب الله” وأتباع إيران في سوريا، كما قد نشهد تصعيداً إيرانياً ضد إسرائيل والخليج العربي، وحتى الخروج من مفاوضات النووي، لأن أميركا لم تعد تلك القوة التي تجبرها للتفاوض معها.
إن كل ما يحدث  الآن وسيحدث خلال الفترة القريبة ليس بسبب الرجل العجوز جو بايدن فقط، بل يعود السبب الأول إلى أوباما الذي سمح للجميع بالتحضير للحرب الحالية.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة