الرئيسية » الصين.. المستفيد الأكبر من الصراع الروسي الأمريكي

الصين.. المستفيد الأكبر من الصراع الروسي الأمريكي

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر روسية قولها إن الصين رفضت إمداد شركات الطيران الروسية بقطع غيار الطائرات، وهو ما يثير التساؤلات حول موقف الصين المستقبلي من روسيا؟
يوما بعد يوم تتكشف مواقف الصين من الصراع الاقتصادي بين روسيا ودول الناتو، نتيجة غزو أوكرانيا.
فالصين أظهرت مساندتها لروسيا نتيجة زيارة بوتين للرئيس الصيني شي جينبينغ، قبيل افتتاح أولمبياد بكين، والتي أفضت إلى توقيع عدة اتفاقيات أهمها عقد توريد 10 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الروسي إلى الصين لمدة 30 عاماً بدءاً من عام 2026، على أن تكون تسوية مبيعات الغاز بين الجانبين باليورو بدلاً من الدولار الأميركي.
كما تم توقيع ١٤ اتفاقية أخرى شملت إطلاق مشروع بناء مفاعلات، روسية التصميم، في محطات الطاقة النووية الصينية، وتصدير الأسلحة الروسية الى الصين، حيث تعتبر روسيا أكبر مصدر أسلحة للصين (٧٠% من الاسلحة التي تستوردها الصين)، اضافة الى اتفاقيات في قطاع المعادن والغذائيات والالكترونيات بما فيها الشرائح الالكترونية الهامة للصناعة الروسية وغيرها، الأمر الذي دفع بمساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف للتصريح بأن هناك اتجاه لزيادة حجم التجارة بين موسكو وبكين إلى 200 مليار سنوياً بحلول عام ٢٠٢٤.
لقد بادرت روسيا بإظهار الاحترام للجانب الصيني ولأولمبياد بكين، من خلال زيارة بوتين رغم مقاطعة الغرب لها إثر اتهامات الصين بانتهاك حقوق الإنسان أولاً، ومن حيث تأجيل غزو أوكرانيا لحين انتهاء أولمبياد بكين ثانياً، خلاف ما حدث حين غزت روسيا شبه جزيرة القرم.
بالمقابل قامت الصين بتسريب محاضر جلسات اجتماع مع الأميركيين حول تطويق أي عمل عسكري تنوي روسيا أن تقوم به في أوكرانيا، الأمر الذي منح بوتين ثقة ومرونة بقدرته على تجاوز ردود حلف الناتو على اي عمل قد يقوم به.
وهو ما ترجم بوقتها أن الصين هي داعم لروسيا، خلال تفاوض الروس مع حلف الناتو لإيقاف غزوها المحتمل.
إلا أن روسيا حاولت الإيحاء للعالم بأنها تهدف للسيطرة فقط على إقليم دونباس، الأمر الذي تطور وبدأت تروج لسقوط العاصمة كييف في غضون 48 ساعة، وهو مالم يتحقق حتى بعد مرور 16 يوماً من بدء الغزو، وفي الوقت نفسه، تفاجأت الصين بالموقف الأوروبي من الغزو الروسي، ما أثار حفيظة الصين إزاء استمرار دعهما لموسكو، فشعرت أنها قد تتورط بخسائر اقتصادية تتجاوز التريليون دولار، كما زادت العقوبات الأميركية البريطانية المدعومة من اوروبا تلك المخاوف، بل أن حظر أصول البنك المركزي الروسي والحجز على أملاك بوتين وأملاك الأثرياء الروس زاد هذه المخاوف، في وقت لم تقدم فيه روسيا أي إجابات للصين عن كيفية تعويض مصالحها الاستراتيجية الكبرى في أوكرانيا، إذ تعد الصين أكبر مستورد للشعير الأوكراني وثاني أكبر مستورد للقمح من أوكرانيا، كما تمثل صادرات أوكرانيا من الذرة نحو 30% من واردات الصين.
فموسكو أيضاً لم تقدم توضيحات عن آلية إيصال الغاز إلى الصين في ضوء العقوبات، خاصة وأن الاتفاق نص على اعتماد اليورو كعملة للتبادل بينهما!
أما على الصعيد الدولي، نجد أن الصين بدأت تحقق مصالح كبيرة، يمكن التماسها من مواقف عدة دول في جلسات مجلس الأمن الأخيرة، حيث تطابق الموقف الصيني بتاريخ 25 فبراير 2022، بالامتناع عن التصويت على مشروع قرار صاغته واشنطن يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، مع موقف كل من الهند والإمارات، حليفتا أميركا، الأمر الذي أظهر فقدان واشنطن سيطرتها على حلفائها، فالإمارات تعتمد على المظلة العسكرية الأمريكية للحماية، بينما اعترفت الولايات المتحدة بالهند كشريك دفاعي رئيسي في 2016 إضافة لقانون شراكة تكنولوجية مع وزارة الدفاع الهندية، ما سمح لنيودلهي بشراء تقنيات أكثر تقدمًا وحساسية تتساوى مع أقرب حلفاء وشركاء الولايات المتحدة.
وكذلك الحال خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول غزو روسيا لأوكرانيا بتاريخ ٢/٣/٢٠٢٢ حين امتنعت ٣٥ دولة عن تصويت لصالح قرار الإدانة بقيادة الصين، فقد اعتبر هذا المنع كقوة قطب جديدة ناشئة، وكان ضمن الدول التي امتنعت عن التصويت العراق التي فيها أكبر سفارة أمريكية و الجزائر والسودان، بينما كان قرار الخليج العربي (السعودي والإماراتي) ضبابي، معللين ذلك بحجم الاستثمارات الخليجية الكبير في روسيا والمصالح المشتركة بأكثر من ملف، الأمر الذي تجلى لاحقاً مع عدم رد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن، وقيام ابن زايد بجدولة الاتصال ايضاً، ما يوحي بأنهما لا يعطيان أهمية كبيرة للاتصال، بسبب الامتعاض من البيت الأبيض، وميلهم أكثر تجاه الصين التي بدأت تؤثر على “أوبك بلس” من خلال هاتين الدولتين.

بالمقابل تسعى الصين لتجنب أزمة وقود عالمية تؤثر على أمنها الغذائي، وعلى صناعتها التي لم يلبث لها الخروج من أزمة كورونا، وتريد في ذات الوقت تفكيك ارتباط أميركا بالشرق النفطي، ونزع الثقة بين بريطانيا وأميركا من جهة وأوروبا من جهة ثانية، الأمر الذي يبدو أنه في طريقه للتحقق من خلال ما حدث من انفراد واشنطن ولندن بقرار حظر النفط الروسي، دوناً عن بقية الدول الأوروبية، هذا القرار أشعل سوق الطاقة دون القدرة على تأمين حلول بديلة، كما فشلت واشنطن حتى الآن في التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران لتأمين مخاوف الخليج، وفشلت كذلك بحشد تأييد أوروبي للاتفاق.
إن كل ما يحدث يقود إلى استنتاج مفاده أن أميركا بدأت تتجرد من حلفائها الذين فقدوا إيمانهم بها، في وقت خسرت فيه روسيا ما حققته من إنجازات على مدى 30 عام، بسبب العقوبات عليها، بحسب ما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “إن ما تم اتخاذه من عقوبات ضد روسيا محت إنجازات روسيا على مدى 30 عاما ومسألة أن تقرر روسيا الحد من الخسائر فهذا قرار بوتين”.
وفي خضم الصراع الأمريكي الروسي، بدأ نجم الصين بالبزوغ كدولة تحترم الحدود الجغرافية، لا تتدخل بالشأن الداخلي للدول، لكنها تواجه عقبة داخلية في طريق هذا البزوغ تتمثل بمقاومة الشركات المحلية لسلطة الحكومة الصينية، هذه الشركات التي بدت كأنها تلتهم الصين من الداخل.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة