اقتصادي – خاص:
انتهت معارك الأسد مع المعارضة، مستفيداً من جلسات اللجنة الدستورية الدورية التي يستطيع من خلالها إيفاد رجال أعماله لإنجاز أعمال مالية ويكسب ود العالم بتدويل القضية السورية، ولم يبق في الساحة الداخلية سوى حلفائه سواء الدوليين أو المحليين من أمراء الحرب، إلا أنه يجد فيهم عقبة كبيرة له، فهم مدججين بالسلاح ويتمتعون بنفوذ دولي وحاضنات شعبية في ظل تردي الوضع الأمني والاقتصادي ما يهدد بعودة الاحتجاجات والمعارك ضده في أي لحظة، خاصة أن أمراء الحرب على علاقات مافيوية تتعلق بتجارة السلاح والمخدرات وتهريب السلع وهي تقوض انتصاره وإعادة تعويمه باستمرار، مع تزايد انخراط الطبقة المقربة منه بهذه المافيا، فكان لابد من إيجاد حل لهم.
لقد أدت الفضائح التي انتشرت عن نظام الأسد برعاية روسيّة إلى تقلص مصداقية موسكو عند الاسد وطبقة الضيقة ، مقارنة بإيران، وكانت لحظة الغزو الروسي لأوكرانيا حاسمة في طريق التخلص من القاعدة الشعبية المتنامية لروسيا في الداخل السوري، علماَ أن تلك القاعدة قادرة على إشعال الجغرافية السورية في وجه الأسد بأي لحظة، لذلك كان لابد من استغلال الظروف لتقويض تواجد الروسي بسوريا ، بفتح باب لتجنيد المقاتلين لصالح روسيا في أوكرانيا، عبر المدنيين من حاضنة روسيا والذين قاتلوا لصالحهم مستثنيين من لازال ضمن الخدمة العسكرية، وذلك حفاظاً على الجيش من الانحلال بالتطوع للقتال بأوكرانيا طمعاً بالمال والرواتب العالية التي تتراوح بين ألف وأربعة آلاف دولار، حيث تم استدعاء جميع المقاتلين الذين تم إرسالهم إلى ليبيا وناغورنو كاراباك لصالح روسيا بالسابق ، إضافة الى عناصر الدفاع الوطني بدمشق وريف دمشق بشكل اساسي و مناطق حماة وريف حماة ( حواضن الموالية لروسيا) من أجل إرسالهم إلى القتال في أوكرانيا، كما تم ارسال مقاتلين سوريين انضموا إلى فاغنر الروسية وتدربوا خلال الأعوام السابقة.
و يرغب النظام بالتخلص من اللواء الثامن بقيادة أحمد عودات، عبر إرساله إلى أوكرانيا، فهذا الفصيل سبق له أن وقف في وجه قوات النظام خلال محاولة سيطرة النظام على درعا خلال أوكتوبر من عام ٢٠٢١.
ويعوّل النظام على تضائل فرص نجاة المرسلين إلى الحرب في أوكرانيا، في ظل حشد دولي لمجابهة روسيا ومقاتليها، إضافة إلى صعوبة الصمود في ظروف مناخية غير معتادة، وبالتالي يحقق هدفين معاً في تلك الخطة، عبر التخلص من أي خطر داخلي قد يعارضه، أولاً، إضافة للاستفادة من القطع الأجنبي الذي ستدفق إلى الداخل، والمقدرة بثمانية مليون دولار تقريباً وسط تقدير أعداد المقاتلين المرسلين من سوريا بـ8 آلاف مقاتل.
وتترافق سياسة النظام في تقليص القاعدة الشعبية لروسيا، مع عودة إيران للساحة دولية والذي يتجلى بتعهد طهران بسد حاجة الغرب من النفط وفتح الاستثمارات لاقتصادها المرهق لكل من الصين والغرب من جهة، إضافة إلى ما حققته في طريق المفاوضات النووية، فقد استطاعت بناء تطمينات خجولة للخليج العربي عبر قطر، الأمر الذي يمكن استنتاجه من تصريحات ولي عهد السعودية واللقاءات مع الإمارات خلال شهر يناير من العام الماضي، وكلها كانت تحمل في طياتها لمسات واضحة للأسد، وفقاً لتسريبات أمنية خاصة لموقع “اقتصادي” من العام الماضي.
ونتيجة لتلك الخطط، سيبقى الأسد بصورة أقوى مدعوماً من إيران، التي باتت هي الأخرى مضطرة لإرسال مقاتلين لدعم روسيا في أوكرانيا، بحسب معلومات خاصة لـ”اقتصادي”.
وكان الكرملين أعلن يوم الجمعة 11 مارس الحالي، عن السماح للسوريين بالتطوع للقتال إلى جانب القوات الروسية، عقب دعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن رحب فيها بالمتطوعين الذين يريدون قتال القوات الأوكرانية، ومساعدتهم على الوصول للجبهات.