اقتصادي – خاص:
وصلت أسعار السلع والمواد الغذائية في دمشق لمستويات قياسية، مسجلة أرقاماً “فلكية” مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين، الذين وجدوا أنفسهم مجبرين لمرة أخرى على إعادة ترتيب أولويات انفاقهم على طعامهم، وسط غياب تام لأي تدخل إيجابي من حكومة النظام أو قيامها بإجراء يكبح جماح الأسعار المتواصلة الارتفاع.
وبدأت الأسعار في الارتفاع لمستويات قياسية بداية العام متأثرة بالتحذيرات العالمية من أزمة غذاء محتملة بسبب الحرب الروسي على لأوكرانيا، وذلك ترافقاً مع التي تهدد الأمن الغذائي لكثير من الدول المعتمدة في وارداتها على منتجات روسيا وأوكرانيا الرخيصة، إضافة لتأثير العقوبات الاقتصادية على روسيا اسعار قطاع النفط والغاز وصعوبة تأمينهما.
فقد طال الارتفاع أسعار الخضار والفواكه، إذ وصل سعر كيلو البندورة في دمشق، لحين لحظة إعداد التقرير إلى 4000 ليرة ومثله كيلو الخيار والكوسا، في حين سجل سعر كيلو الفاصولياء الخضراء 16000 ليرة، والباذنجان 3000 ليرة، والبصل الفريك 2000 ليرة ومثله كيلو الجزر، بينما سعر كيلو البطاطا وصل إلى 2500 ليرة، والخسة الواحدة بـ 1500 ليرة، وكيلو الفول الأخضر بـ 6000 ليرة.
كما سجلت أسعار البيض هي الأخرى ارتفاعاً لحدود 13 ألف ليرة للصحن الواحد، كذلك واصلت أسعار الزيوت النباتية ارتفاعها لتصل إلى 18 ألف ليرة لليتر الواحد من زيت دوار الشمس، ولحوالي 32 ألف ليرة ثمن الـ2 كيلو من السمن النباتي.
وارتفع أيضاً سعر كيلو البرغل ليباع بـ5000 ليرة، وأيضاً ارتفع سعر العدس والرز والتمر وغيره.
وتأثرت بقية المنتجات الغذائية بموجة الارتفاع في الأسعار، وأصبح كيلو اللبنة يباع بسعر 11 ألف ليرة سورية، وكيلو الجبنة المسنّرة البقري بحوالي 12 ألف ليرة.
وحول ذلك، قال الخبير الاقتصادي يونس الكريم لمنصة “اقتصادي”، “يعود ارتفاع أسعار الخضار والفواكه إلى نقص توفر السماد بعد أن استولت روسيا على معمل الأسمدة بالدرجة الأولى، إضافة إلى نقص المحروقات اللازمة للزراعة والتدفئة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة النقل التي تصل إلى 30% من سعر المنتج ويضاف إليها كلفة ترفيق البضائع الذي يرفع سعر النقل إلى 50%، كذلك يلعب ارتفاع أسعار البذار دوراً في رفع الفلاح لسعر منتجاته كي يتمكن من الاستمرار في عمله”.
وعن انعكاس الحرب في أوكرانيا على سوريا، نفى الكريم أي تأثير لها في الوقت الحالي، باستثناء القمح الذي كان التجار يستورده عبر الدول الجوار، والذي كان مستورداً من روسيا وأوكرانيا وكانت الكميات محدودة فأزمة الطحين التمويني التي بدأت سابقاً تعود إلى قبل تصاعد أزمة أوكرانيا وروسيا الاخير بأشهر كثيرة.
أما عن ثبات الدولار عند حدود معينة مقابل الليرة السورية، فأوضح الكريم، إنه رغم ارتفاعات الأسعار المتتالية، فإن ذلك يعود لكون سعر الدولار بات قراراً إدارياً نتيجة تقييده بقوانين كثيرة كمنع التدوال وتجريمه مثل المرسوم 3/2020 ، إضافة لعدم تسليم الحوالات بالدولار إلا التي قيمتها أعلى من 5 آلاف دولار.
كما انعكس تمويل المستوردات بالسعر النظامي عبر شركات الصرافة بشكل سلبي، فشراء الدولار أصبح من منافذ محددة يحددون سعره كما يريدون، حيث إن كبار التجار لدى الأجهزة الأمنية هم من يحددون السعر وفقاً للكمية التي يستطيعون الاستيراد بها.
يضاف إلى ما سبق أنه ليس من مصلحة النظام ارتفاع سعر الدولار أكثر، كون ذلك سيؤدي إلى القضاء على ما تبقى من القوى الشرائية للرواتب، ما ينعكس على وضع قيام مؤسسات الدولة بوظائفها، وستصبح معرضة للانهيار الأخير، على حد قول الكريم.
وفيما يخص دور مؤسسة “السورية للتجارة” التابعة لحكومة النظام، وما يزعمه من قيامها بدور إيجابي لضبط الأسواق، أكد الكريم إن السورية للتجارة تقوم كل فترة بالاستيلاء على مستودعات تجار ومصادرتها وبيعها في صالاتها، لكن تلك المؤسسة أصبحت أحجية بسبب الفساد المستشري فيها ولا بد من ضبطها قبل ضبط أي مواطن، فهذه المؤسسة تقوم برفع الأسعار باتجاه تحريرها، لتكون قريبة من السوق، كما تحاول أن تكون حلقة الوصل بين المواطن وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع، فنجد أن هناك نقص في السلع التي تعرضها، ما يضطر المواطن للشراء من السوق بالسعر العالي وتقبله.”
وعن أية حلول يمكن للناس القيام بها من أجل التخفيف من وطأة الأزمة الحالي، بين الكريم إنه لا يوجد أمام المواطن أي حلول قابلة للتطبيق أو مجدية فعلياً، وكل ما يمكن أن يفعله هو إعادة تنظيم نفسه وترتيب حاجاته وفق الأوضاع الحالية، بشكل مشابه لما كان متبعاً في الثمانينات حين عانى الناس صعوبة الحياة.