الرئيسية » غسيل الأموال عبر الفن!

غسيل الأموال عبر الفن!

بواسطة Nour sy

اقتصادي:

ساهمت السهولة النسبية في غسل كميات كبيرة من الأموال غير الشرعية عبر جامعي الفن والمعارض برفع قيمة اللوحات الفنية بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة.
ويمكن أن يتم استخدام الفنون في غسل الأموال، حيث يمكنك أن تشتري لوحة مقابل نصف مليون دولار، وتشحنها بكل بساطة دون أن تظهر جواز سفرٍ حتى!.

يستخدم الكثير من الناس ذلك الأمر لغسل الأموال، إذ يُعتبر تبييض الأموال عن طريق الفن مغرياً حقاً، فيمكن لأحدهم أن يشتري لوحةً فنية غالية دون أن يفصح عن هويته. ثم تضع هذه القطعة الفنية في طائرة خاصة لتأخذها إلى أي مكانٍ ترغب فيه، عداك عن عدم وجود أي نظامٍ لتسجيل اللوحات الفنية حتى الان بشكل رسمي.
‏وعلى سبيل المثال تم بيع لوحة للرسام الأمريكي المشهور “ساي تويمبلي” بـ 70.5 مليون دولار، واللوحة عبارة عن ست سطور من خربشات دائرية بيضاء على لوحة رمادية !
يقول النقاد إن سر روعتها بأن “مشاهدتها يجبرك على تدفق مشاعرك الانسانية ومن لم يستشعر هذا الاحساس فهو متبلد الشعور !؟”

الحقيقة اللوحة لا علاقة لها بالمشاعر الإنسانية … إنما لها علاقة بـ”تجارة غسيل الأموال”، فالقصة ببساطة أن المالك الجديد يدفع ثمناً مرتفعاً للوحة الفنية، وعادة يكون له علاقة بدار مزادات أو رجل يملك مقتنيات كثيرة، وهذا يرفع ثمن جميع المقتنيات لديه، ليكون حقق أول مرابحه.
ليقوم ذات الشاري، ببيع اللوحة لنفسه عبر تسريبات محدودة في الصحافة، فترتفع قيمتها بين 20 -40 %، إلى أن يأتي زبون آخر، ليبدأ التفاوض ويكون السعر النهائي أكثر بـ٦٠% من السعر الذي دفعه في البداية، طبعاً المكسب يكون إضافة إلى الفرق بين ثمن الشراء وثمن المبيع، هو ارتفاع اسعار المقتنيات التي لديه.
إن نسبة كبيرة من  جامعي الفن، هم أشخاص يرغبون بالتهرب الضريبي أو علاقة باموال غير مشروعة (تجار مخدرات، فساد ، امراء حرب..الخ)، أو لديهم أموال قادمة من بلدان أخرى، لذا قد يقوم مالك  للوحة ببيعها لنفسه بسعر مرتفع مستفيد من عدم وجود سجل ملكية لها ، ومع ذلك هو  رابح لانه سوف يشرعن ثمن المقبوض من اللوحة وهو أقل من  لأن الضريبة التي ستدفع لو أفصح عن هذه الاموال فيما لوكانت شرعية ، مثلاً على الأموال القادمة الى الاتحاد الأوروبي من الخارج  تفرض عليها ضرائب بنسبة تصل الى 45%، وفي حال وجود أموال قذرة تريد شرعنتها تصل الضريبة على ذلك إلى 70% عبر تجار مختصين بذالك .
ويندرج الأغنياء ضمن قائمة الأشخاص الذين يرغبون باقتناء اللوحات والقطع الفنية، فيتم أحياناً البيع والشراء بهدف التسويق، ويكون العمل الفني بهذه الحال أصل استثماري وأداة ناجحة للتحوط المالي ، حيث قال لاري فينك رئيس مجلس إدارة بلاك روك -وهي أكبر شركات العالم لإدارة الأصول- في كلمة ألقاها أمام جمهور في سنغافورة إن “الفن المعاصر أصبح أحد أهم أدوات مراكمة الثروة على المستوى الدولي، جنبا إلى جنب مع الشقق في المدن الكبرى مثل نيويورك ولندن وفانكوفر. دعكم من الذهب كأداة للتحوط ضد معدلات التضخم وعليكم بشراء اللوحات الزيتية” مشيراً إلى أنه تم بيع لوحة باولو بيكاسو “نساء من الجزائر” بمبلغ 179 مليون دولار في صالة كريستي للمزادات في نيويورك، بعد أن كان ثمنها 32 مليون دولار في العام 1997.
ولكن ما لم يقله فينك أن اللوحات الفنية أداة تحوط عالية المخاطر، فليس لها سوق سوى من قلة من الأثرياء، ينحصر مردودها بعملية إعادة بيعها فهي أشبه بأصل معنوي، وهذه ليست المخاطرة الوحيدة بل ايضاً تعد أداة فعالة لعمليات غسل الأموال، فيقول بيتر هاردي، وهو مدع عام أميركي سابق يقدم حاليا المشورة للشركات والصناعات بشأن الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال، إن “الفن وسيلة جذابة للغاية لغسل الأموال. إذ يمكن إخفاؤه أو تهريبه، وغالبا ما تكون المعاملات خاصة، ويمكن أن تكون الأسعار غير موضوعية ويمكن التلاعب بها ومرتفعة جدا”.
وتعتبر سوق الفن أقل الأسواق التي تتدخل فيها الدولة بتشريعات وقواعد منظمة، فالسرية عنصر أساسي في عالم الفن، فعدم الكشف عن الهوية يحمي الخصوصية، ويضفي المزيد من الغموض وقد يرفع في قيمة مثل هذه المعاملات، إضافة إلى أن سهولة إدخالها وإخراجها دون الحاجة لجواز سفر يعد عاملاً مشجعاً.
وتتسم سوق الفن الشرعية في حد ذاتها بأنها ضخمة، حيث تقدر بمبلغ 67.4 مليار دولار على مستوى العالم في نهاية عام 2018. ويبلغ معدل النمو السنوي حاليا في سوق اللوحات والأعمال الفنية نحو 7 في المائة، وسط توقعات أن يصل حجم السوق إلى ما بين 130 إلى 160 مليار دولار سنويا خلال السنوات المقبلة.
وتهيمن سوق الولايات المتحدة على الجزء الأكبر من تجارة الأعمال الفنية حول العالم حيث تحتكر نحو 39 في المائة من مبيعات اللوحات والأعمال الفنية عالميا، وتنامي دور كبار الأثرياء الصينيين في هذا المجال، إذ أصبحت الصين تهيمن حاليا على 22 في المائة من السوق، لتنافس بذلك أحد أكثر البلدان قدما في هذا المجال وهي المملكة المتحدة وتبلغ حصتها الآن 22 في المائة، إضافة الى أوروبا.
ونجد ان هذا النشاط ينشأ بالاقتصاديات الكبيرة التي تتسم بوجود رقابة على الضرائب وعلى نشاط المؤسسات، فمتى اختفت هذه الرقابة فان هذا النشاط سوف يتعرض لركود كبير.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة