الرئيسية » هل يجب أن نخشى رفع أسعار الفائدة في أميركا!

هل يجب أن نخشى رفع أسعار الفائدة في أميركا!

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

رفع البنك المركزي الأمريكي، يوم الأربعاء، أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، لتكون الأكبر من نوعها منذ أكثر من عقدين، 22 عاما، وسط مخاوف من منعكسات هذا القرار على الاقتصاد العالمي.
ونقلت (بي بي سي) عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قوله إنه “رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين 0.75 بالمئة و1 بالمئة بعد زيادة طفيفة سابقة في مارس/ آذار الماضي”.
وتعتبر زيادة الفائدة في إطار الجهود الأمريكية لاحتواء ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة بعد أن سجل التضخم في الولايات المتحدة أعلى ارتفاع له في 40 عاما، وسط توقعات بمواصلة ارتفاعه مستقبلاً.
ووصلت معدلات التضخم في أميركا إلى 7.9%، وتبعته كل من دول الخليج ومن المرجح أيضا أن تتبعه معظم دول العالم خوفاً من هروب رؤوس الأموال الأجنبية.

ما مبررات المخاوف من قرار رفع الفائدة؟
إن قرار رفع الفائدة من البنك الفدرالي الأمريكي هو ليس قرار محلي، أو حتى إقليمي، كون الفدرالي الأمريكي هو بنك النظام العالمي، وبالتالي فان لهذا القرار تأثيرات على كل الاقتصاد العالمي ، واولى انعكاسات هذا القرار هو ارتفاع في أسعار النفط والغاز ، لأن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاجهما ، وهو سوف يضعف حجم الأموال المتجهة نحو الاستثمار بهم من جهة ويرفع كلفة الاقتراض من جهة ثانية خاصة ان سياسات جو بايدن هي مقاومة لتوسع الاستثمار بقطاع الطاقة ، علماً أن قطاع النفط والغاز يعاني أصلا من تضخم بأسعاره بالعالم .
إن ارتفاع سعر النفط والغاز سينعكس حكماً على كلفة إنتاج السلع بأميركا، والتي يشكل حجم ناتجها المحلي حجم ناتج ١٧٠ دولة، أو (22.9 تريليون دولار) بنحو 25% من الناتج الاقتصادي العالمي في 2021 حسب صندوق النقد الدولي، لتتبعها دول العالم كلها مما يعني اننا مقبلين على موجة ارتفاع اسعار عالميا وبكلمة اقتصادية دخول بموجة تضخم جديدة .
ويأتي رفع الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة في وقت يشهد فيه أكبر ميناء في العالم، ميناء شنغهاي الصيني، إغلاقاً إثر تجدد تهديدات جائحة كوفيد 19، ليهدد سلاسل الإمداد العالمية، لا سيما أن الميناء الصيني هو الأكبر في العالم للحاويات، دون أن ننسى تهديدات ذلك لصناعة السيارات والهواتف الذكية كونه محطة تجميع لهذه الصناعة، مما يهدد بتوقف إنتاجهم أي يهدد أسهم الاستثمار بهم ، وبالتالي يهدد بورصات العالم بمؤشرات حمراء .
وفي ذات السياق تزامن الرفع مع انهيار عملات دول ناشئة مثل تركيا ومصر وغيرهم ، رغم محاولات دعم عملاتها عبر الاستحواذ على الذهب ، ما يفضي لارتفاع أسعاره، وفي الوقت نفسه تسعى بعض الدول للاعتماد على عملاتها المحلية بديلاً عن الدولار، فيما يخص معاملاتها التجارية من بيع النفط والتبادلات التجارية وحتى تكاليف مرور عبر المضائق المائية كقناة السويس ، في محاولة لدعم العجز بالموازنات لدولهم، الأمر الذي يترافق مع ضعف أمريكي في إدارة الملفات الداخلية وضعف في الملفات الخارجية من خلال دعم حلفائها الذين باتوا مترددين و متفرقين، إذ لم يعد هناك جبهة واحدة لهم، ما أظهر ضعفهم وأثار خوف المستثمرين ، الأمر الذي فاقمه تشتت الإعلام وضعفه والذي يعتبر السلاح الناعم للنظام الاقتصاد العالمي في ادارته وحمايته ، حتى وصل من ضعف الاعلام انه يقود الى حالة فوضى اقتصادية تزيد في الطلب وتفاقم الأزمة، عوضاً عن احتواء المخاوف.
كما ان رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة سوف يدفع بالبنوك المركزية لدول العالم الى رفع الفائدة عندها لمنع هجرة الاستثمارات مع اتباع سياسات التيسير الكمي النقدية .
كل هذه العوامل سوف تضعف المؤسسات الدولية للتمويل وادارة الاقتصاد العالمي في مناورتها لإصلاح اختلال الأزمات النقدية، في وقت تجنح فيه الدول الضعيفة إلى خيارات غير مدروسة معتمدة على وصفات اقتصادية شاذة، كتبني العملات الرقمية في ضوء ضعف الانترنت والبنى التحتية والقانونية لتغطية الطلب.
ليكون ذلك بمجمله دليل على أننا مقبلون على أزمة اقتصادية حقيقية تختلف عن أزمة الـ2008 التي شملت قطاع العقارات، في حين أن الأزمة الحالية تضرب الاقتصاد من جوهره، من خلال ملامستها القطاع النقدي وتوسعها إلى محيطه من قطاعات زراعية وصناعية ، ازمة تلامس كساد بالاقتصاد العالمي.

هل يمكن التكهن بنهاية وعواقب التوجهات الاقتصادية العالمية الحالية؟

لا يمكن التكهن بما هو قادم، لكن المؤشرات تدل على أن العالم يسير نحو نظام اقتصادي جديد، عالم ليس متعدد الأقطاب، كما يأمل المحللين، لأن هذا النظام تم تجاوزه والتاريخ لا يعود للوراء.
في مقدمة المستفيدين من هذه الفوضى هم الشركات الكبيرة ، فقد باتت أقوى من الدول التي تعاني ضعضعة سياسية داخلية واقتصادية، وعدم قدرة على التحكم بمفاصل أنظمتها، التي باتت خيارتها في تفضيل مكاسب مؤقتة على حساب المصالح على مدى المتوسط، هذه الشركات أصبحت بمثابة دول داخل دول، تتجاوز الأنظمة والقوانين، ليكون العصر الاقتصادي الجديد عصر الشركات، الذي هو نسخة متطورة من النظام الـ”نيو رأسمالي”.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة