الرئيسية » تناقضات الأردن في مكافحة المخدرات ومحاربة النظام

تناقضات الأردن في مكافحة المخدرات ومحاربة النظام

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

لم تأت التصريحات الصحفية الأخيرة للخبير العسكري الأردني، اللواء الطيار المتقاعد د.مأمون أبو نوار تجاه سوريا لتحمل مسؤولياتها ووقف تهريب المخدرات إلى الأردن، والى ضرورة التنسيق على المستوى الدولي لضبط عمليات تهريب المخدرات من سوريا، عن عبث أو لتعبر عن رأي شخصي خاص به، وهو المعروف سابقاً بمواقفه الدعمة للتوجه الرسمي للأردني تجاه النظام الأسد في الفترة الأخيرة، وخاصة بعد عودة الملك عبد الله من زيارته للولايات المتحدة.
ففي مشاركة صحفية للواء نوار قال إن “استهداف مصانع المخدرات وشبكات التهريب داخل الأراضي السورية، يتطلب تنسيق جهود دولية استخباراتية للرصد، إضافة إلى تنسيق السماح بضربات استباقية” ، وقصد السماح من امريكا، حيث اعتبر أبو نوار ان الحدود السورية هي مصدر المخدرات والإرهاب ونقل الفوضى الى الأردن ، وهذا الإرهاب والفوضى يقصد به المعارضة السورية التي طالما سعى النظام إلى إلصاق هذه الصفة بثوارها ومن ثم بقادتها اللاجئين، وإن العودة إلى إدراج هذه الصفة ضمن الخطاب الرسمي الأردني إنما يدل على جهل الأجهزة الأمنية الأردنية أو رغبتهم بغض البصر عن فهم حقيقة ما يجري في سوريا!

ماذا يعني الآن هذا التوجه للأردن، وهل هو رد فعل على تجارة المخدرات؟
بداية لا بد من توضيح أن تجارة المخدرات في سوريا ليست وليدة هذه السنة أو سابقتها، فقد بدأت عام ٢٠١٤ وأخذت تتنامى حسب معلومات خاصة حصل عليها موقع “اقتصادي”، وتطورت مع كل انهيار بالجانب الاقتصادي للدولة السورية، كما أنها غدت أحد الشرايين المالية للرواتب والأجور والسيولة اللازمة لقيام مؤسسات الدولة بوظائفها وإحدى منابع الثراء لأمراء الحرب، ووسيلة لتمويل الآلة العسكرية، وقد زاد الاعتماد بتصدير المخدرات عبر الأردن بعد تفكك الفصائل المعارضة بدعم من الامارات ، وان إعادة التوجه الأردن لخطاب إعادة تفعيل الفصائل يعتبر انقلاب من عمان على المبادرة الإمارتية باحتواء سوريا وإعادة ضبط حجم التواجد الإيراني في سوريا، في وقت أفشل فيه الأسد المساعي بزيارته للخامنئي، ومحاولة من الأردن للضغط على روسيا لإفساح المجال للجانب العربي بالتدخل من خلال قوات عسكرية.

هل يستطيع الأردن التدخل المباشر بالجنوب لمكافحة المخدرات أو دعم الفصائل هناك؟
إن الكلام عن محاولة إنشاء ما يشبه “غرفة الموك”، أمر مستبعد وغير واقعي، فلم يعد هناك إجماع سورية على مساندة الثورة في الجنوب كما كان في السابق، كما ان دعم الدولي لهذه الغرفة قد اختفى لصالح قضايا لهم فالإدارة الأمريكية ليست بهذا الوارد الآن، وإسرائيل لا تريد عداءً مع روسيا لأجل ضرباتها الجوية لإيران، كما ان روسيا باتت تسيطر على ما تبقى من الفصائل وتعيد تشكيلها كجزء من قوة “فاغنر”.
إن مطالبة الأردن بتوحيد وتنسيق جهود دولية إنما يدل على عدم جدية الأردن بمكافحة المخدرات وجهل أبعادها، والذي يتكون من ثلاثة جوانب أساسية، أولها أن الأردن يعتبر طريق عبور للشحنات، وبالتالي ضبط التهريب منه يتطلب تنسيق عالي المستوى مع الدول المستهدفة من الشحنات مثل السعودية والإمارات والخليج عموماً التي تعتبر هي من يطلب المخدرات، بينما لا يبدو أن عمان تسير في اتجاه التنسيق معهم بعد.
الجانب الثاني، يقوم على مكافحة الأشخاص المسؤولين عن تسهيل عملية عبور الشحنات عبر الأردن، فقد ذكرت مصادر خاصة لموقع “اقتصادي” أن عملية العبور تتم بالتنسيق مع ضباط ومسؤولين أردنيين موالين لنظام الأسد، بينما كل ما يجري ضبطه هو نتيجة لانعدام التنسيق وخلاف في الجانب السوري، بحسب المصدر الذي أضاف إن بعض الشحنات المضبوطة تعود لتجار صغار وقادة ميليشيات وتتم في إطار اتفاقات تهدف لإظهار جهود النظام في مكافحة المخدرات.
الجانب الثالث، ألا وهو التصنيع ونقاط الانطلاق من سوريا، ويريد الأردن الانطلاق في مكافحته لتجارة المخدرات من هذه النقطة، باعتقاد منه أن هذا يمكن أن يجنبه المطالب الخليجية بمكافحة التجار، والتي تسبب له إحراجاً وتوتراً للعلاقات معهم ، وخاصة ان هناك موقف غير موعد للخليج من النظام في سوريا، بينما لا يرغب الأردن بمكافحة فساد مسؤوليه لمنع مزيد من الانقسام داخل دخل الأردن وخاصة مع ما تشهد الاسرة الحاكمة ، ولهذا يلجأ الأردن للتهديد بالتدخل في سوريا بحجة أن الميليشيات الإيرانية هي من يقف خلف تجارة المخدرات، وذلك لكسب ود ودعم الشارع الأردني المحتقن، إلى جانب ما سوف يحققه خطاب المعادة لإيران من مكاسب اقتصادية له من “حلف النقب”.

من يقوم بالتصنيع، ومن يسهل مرور الشحنات عبر الحدود؟
إن تجارة المخدرات تتم بإشراف الفرقة الرابعة عماد النظام العسكري، ومن قبل غسان بلال رسمياً(الذي يعتبر الساعد الايمن لماهر الأسد وديره التنفيذي)، وبدعم من أطراف متعددة منها “حزب الله” و “الحرس الثوري” وأمراء حرب بعضهم محسوب على روسيا كالقاطرجي، أما الأموال المجنية من تلك العمليات يجري وضعها بالمجمل في “مصرف سورية المركزي” ليتم الاستفادة من بعضها في تمويل عمليات الدولة السورية.
لم تعد تجارة المخدرات وسيلة ربح فقط، بل باتت أداة رئيسية لتمويل الدولة السورية ووظائفها الى جانب تمويل النظام وتضخم ثروات أمراء الحرب، ومن هذا المنطق أصبحت مكافحة المخدرات والوقوف ضدها بمثابة الوقوف في وجه الدولة السورية والنظام ومن خلفهم سلسلة طويلة من المستفيدين، والأردن بتصريحاته الحالية لا يمكنه أن يحقق إلا محاربة جزء هامشي من تلك السلسلة الطويلة، فحصر التحرك بالتوغل عند الشريط الحدودي السوري أشبه ما يكون بإقامة سياج لمنع المهاجرين الى تركيا!.
كما أن استراتيجية الأردن بإعادة دعم الفصائل في الجنوب السوري لم تعد صالحة لعدة أسباب، فمعظم العناصر التي كانت تؤمن بالوطن والقيم الأخلاقية والتي كانت قادرة على تحييد المصالح المادية، تم تهجيرها، وتم تطويع وإعادة برمجة ما تبقى منها وفق منظومات “ميليشيات” تابعة لحلفاء النظام (روسيا بشكل رئيسي)، والذين يسهلون بدورهم عملية تصنيع المخدرات بأنواعها ونقلها الان.
كما أن واشنطن الداعم اللوجستي للأردن أصبح حذراً بالدخول في صراع مع إيران لأجل إنجاح الاتفاق النووي والوصول لتوافق بأي شكل وثمن كان، في حين باتت إسرائيل هي الأخرى حذرة في دعمها لعمان، بسبب التواجد الروسي جنوب سوريا، وحتى الإمارات ودول الخليج المتضررة من المخدرات، سوف تمنع الأردن من القيام بهذه العملية لأن ذلك من شأنه إعادة الحياة إلى الربيع العربي، دون أن ننسى أن الإمارات هي المصب الرئيسي لمعظم أموال النظام.
إن العالم في الوقت الحالي، يريد إيقاف أي حرب هامشية قد تزيد من سوء وضع الاقتصاد، نتيجة اندفاع أطياف دولية كالصين للوقوف الى جانب النظام، فقط مناكفةً بحلفاء أميركا…

لقد أصبح وضع الأردن صعباً جداً، وليس الترويج للعملية أكثر من محاولة لإلهاء الشارع الأردني عما يحدث داخل العائلة الحاكمة، أما لو كان الأردن صادقاً في محاربة النظام وتجارة المخدرات، فعليه تتبع معلومات هذه الشبكات من داخل الأردن الى خارجها، وإعادة دعم الفصائل سورية بالبداية من الحدود على الجانب الأردني وانتظار الوقت لدخولها إلى درعا، لأن السوريين هم الوحيدين الذين يملكون العزيمة الصادقة لمحاربة إيران والنظام “عرابيّ المخدرات”، والا الأردن على موعد قريب من انشاء “حزب الله” الكبتاغوني على الحدود السورية لأجل الوصول إلى القدس عبر عمان ثم الرياض و الكويت …

اترك تعليق

مقالات ذات صلة