45
يحاول النظام السوري تخفيف القيود على التجار والصناعيين وإعادة ترتيب أولويات الاستيراد من خلال تعديل آلية لتمويل المستوردات تتضمن التسديد بالليرة السورية، وتقليص مدة التمويل، لكن آلية مشابهة تهدد بأن تضاعف أسعار السلع، بسبب عدم تحديد سعر الصرف وتعقيد تفاصيل الحصول على التمويل.
ووافقت حكومة النظام على الاستمرار بآلية تمويل المستوردات بالنسبة للتجار، وذلك عبر تسديد 50% من قيمة البضاعة بالليرات السورية، وذلك عند تقديم طلب التمويل بعد الحصول على إجازة الاستيراد، واستكمال المبلغ المتبقي خلال مدة شهر من إدخال البضائع ووضعها بالاستهلاك المحلي.
وبالنسبة للصناعيين، ستكون آلية التمويل الخاصة بالمواد الأولية اللازمة لصناعتهم من خلال تسديد 30 بالمئة من قيمة البضائع عند التقدم بطلب التمويل، وسيكون إدخال المبلغ المتبقي خلال شهر من إدخال البضاعة.
ونصّ القرار على أنه “عندما يكون هناك استيراد لمادة هي عبارة عن منتج جاهز ويوجد إنتاج محلي مماثل له، فستكون الأولوية بالتمويل للمادة الأولية اللازمة للصناعي على حساب تمويل المادة الجاهزة للتاجر”.
اتجاه نحو الخصخصة
ولا تعد الآلية المعدلة جديدة بالمطلق، فهي متبعة منذ عام تقريباً، لكن الاختلاف الحالي في تفاصيل هذه الآلية، يتمثل في كون المصرف المركزي لا يقوم حاليا بعملية تمويل المستوردات بل بالإشراف العام والتنظيم، أما مهمة التمويل فتقع على عاتق شركات الصرافة المرخصة.
ويرى الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن الآلية الجديدة تعد اتجاهاً نحو الخصخصة، فالمركزي ومن خلال توكيل مهمة تمويل المستوردات إلى شركات الصرافة، يكون قد أوكل هذه المهمة إلى شركات القطاع الخاص.
ويضيف في تصريحات لـ”المدن” أن “تفاصيل الآلية الجديدة غير واضحة من حيث التكلفة، إذ لم يتم التوضيح وفق أي سعر صرف سيتم التعامل”، موضحاً أن “المستورد ملزم بدفع 50% من قيمة الصفقة بالليرة السورية، ولكن هناك غموض حول كيفية حساب هذه النسبة، فهل هي نسبة من قيمة البضاعة وفق سعر الدولار الرسمي أم وفق سعر السوق الموازي؟”
وفي ظل ضبابية سعر الصرف، والتذبذب الحاد في قيمة الليرة، سيلجأ التجار والمستوردون إلى اعتماد سعر صرف مرتفع، قد يكون أعلى من سعر السوق، وذلك لتقليل خسائرهم نظراً لطول المدة بين الحصول على رخصة الاستيراد وطرح المادة في السوق واحتمالية تغير سعر الصرف، ما يشكل عائقاً في وجه المستوردين، الذين بدورهم سينقلون هذا التذبذب إلى المستهلكين، وهو ما يعني ارتفاعاً إضافياً في أسعار المواد.
حيتان الاستيراد هم المستفيدون
ويحاول النظام تخفيف ضغوط الصناعيين عليه من خلال إعطاء الأولوية في تمويل المستوردات للمواد الخام اللازمة للسلع المنتجة محلياً، ما يعني تفضيل الصناعي على التاجر، بالتزامن مع تسريبات حول تشديد الخناق على المعابر غير الرسمية التي تسيطر عليها الفرقة الرابعة.
ويلاحظ الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم عدم جدوى تخفيض مدة التمويل إلى شهر بسبب احتفاظ القانون 1070 باجراءاته التعقيدية، مؤكدا لـ”المدن” أن السوق كان في حاجة إلى مرونة أكبر تقوم بايقاف التعامل بالقانون رقم 1070 لمنع استمرار ارتفاع أسعار السلع.
ويتماشى هذا الإجراء مع إلزام التجار والصناعيين بدفع ٥٠% من قيمة المستوردات عن طريق فروع شركات الحوالات في الخارج، وهذه الشركات تتحجج بالعقوبات الدولية لفرض مزيد من الرسوم ببطاقة بنكية يتم من خلال دفع المستوردات، وهذا تقييد إضافي يرفع قيمة أسعار السلع.
ويشير الكريم الى أن هناك مشكلة تتعلق بعدم تثبيت سعر صرف تمويل المستوردات رغم أن القانون ١٠٧٠ قد حدده، مع الأولوية في التمويل للقمح والنفط وهو ما يدفع شركات الصرافة إلى الاعتذار عن التمويل.
ومن المحتمل وجود اتفاق غير رسمي لدفع ثمن الدولار وفق السوق السوداء ما يجعل القرار غير مفيد إلا لأشخاص محددين يشكلون الوساطة الفعلية لاستيراد السلع وإعادة بيعها للصناعين و التجار، خصوصاً وأن شركات الصرافة تخضع للمكتب المالي في القصر الجمهوري بإدارة يسار إبراهيم الذي أوكلت إليه مهمة إعادة تشكيل الطبقة الاقتصادية في البلاد.
نقلا عن موقع المدن