الرئيسية » العرض السعودي محاربة كبتاغون الاسد او شراء ولاء داخل حكومة الاسد

العرض السعودي محاربة كبتاغون الاسد او شراء ولاء داخل حكومة الاسد

بواسطة يونس الكريم

في خضم عملية التطبيع العربي مع حكومة النظام  الاسد، تركز الدول العربية على الحصول على تعهد من قبلها لمكافحة عمليات تهريب المخدرات على اعتبار أنها المحرك الأساسي لإتمامها.

في سبيل ذلك تقدم  دول عربية عروضا مختلفة قيمتها مليارات من الدولارات  تعويضًا عن خسارات حكومة نظام الاسد  من تلك التجارة، والتي تشير تقديرات جديدة أن هذه التجارة بلغت عند حدود 7.5 مليارات دولار سنويا، وبالتالي يمكن تشبيه هذه العروض بعملية شراء الإنتاج منها.

فقد كشفت وكالة “رويترز” عن تقديم السعودية، التي دعمت الأسد لاستعادة مقعده في الجامعة العربية، عرضا ب4 مليارات دولار مقابل التخلي عن تجارة “الكبتاغون”، وذلك على شكل مساعدات زراعية للالتفاف على العقوبات الأميركية.

ذلك العرض ليس جديدًا، إذ سبق وكشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، مع بداية التقارب السعودي مع النظام السوري.

السؤال الأبرز، هل يتخلى الأسد عن تجارته مقابل ذلك العرض؟

إذا ما نظرنا الى العرض السعودي، نجد انه يتضمن منح جهاز استخباراتها الحق بمراقبة عملية المكافحة التي تتمم داخل حدود السورية، إضافة الى توجيه شعبة الاستخبارات ووحدة مكافحة المخدرات لدى حكومة النظام السوري في تحركها لتحجيم هذه التجارة، هو أمر ليس من السهل أن توافق عليه حكومة نظام الاسد ، لأنها تعتبر تلك طريقة للسيطرة على أجهزة استخباراتها، إحدى مصادر قوة بشار الاسد .

كما أن قيمة العرض السعودي ب 4 مليارات من الدولارات ، قد تم تقديره بالاستناد على المصادر الاعلامية المفتوحة للمضبوطات من هذه التجارة، وهي أقل من حجمها الحقيقي، وهذا يقودنا للتوقع بأن العرض يشمل القيمة التقريبية للمخدرات التي تستهدف دول الخليج فقط،  متجاهلةالسعودية الكميات الأخرى التي تستهدف الأسواق في أوروبا وتركيا وشمال افريقيا والعراق… الخ، والتي تدّر على حكومة نظام الاسد أيضا أموال ضخمة.

يعزز التجاهل لحجم التجارة الكلية للمخدرات  لدى حكومة نظام الاسد فكرة أن السعودية تحاول من هذا العرض، إن صح العرض، بناء قوة ناعمة لها من خلال العودة الى المشهد السياسي بسوريا ولعب دور باداراة الحكم فيها، أسوة بإيران وروسيا، والقول إنها اي السعودية استطاعت تحييد الخليج من خطر هذه التجارة من جهة، وإنها محقة بتوجهاتها بإعادة مقعد الجامعة العربية الى النظام وتطبيع العلاقات معه رغم التحذيرات الغربية من جهة اخرى.

بالنسبة للأسد، ليس من السهل عليه أن يوافق على عرض 4 مليارات دولار، لأن اقل من القيمة الحيقية لها على اعتبار ان مصدر العرض هو أرقام تقديرية تستند  على قيمة المضبوطات من هذه الشحنات وفق ما تم تداوله اعلامياً، بينما تشير وثائق استخباراتية استطاعت منصة “اقتصادي” الحصول عليها بوقت سابق، إلى أن الكميات الحقيقة للمضبوطة أكبر من ذلك بكثير ، حيث تشير تلك الوثائق إلى أن واحدا فقط من ثلاثة شحنات التي يتم القبض عليها يتم التصريح عنها،و تشير الوثائق لدى المنصة إلى أن ما يتم الإعلان عنه من مضبوطات لهذه الشحنات، غير دقيق، مثل ما حدث عندما تم الإعلان عن ضبط 6 ملايين حبة “كبتاغون” فقط في ميناء أنطاكيا التركي، بينما ما تم ضبطه بالحقيقة هو 260 مليون حبة .

وأن تجارة “الكبتاغون” التي تتحدث عنها السعودية، ليست سوى أموال ساخنة لحكومة النظام الاسد ، وان الكبتاغون ليس سوى وسيلة لفتح الأسواق أمام مادتي “الكوكائين” و “الهيرويين” المخدرتين، واللتان تعتبران جوهر تجارة المخدرات التي يديرها الأسد، فقد أظهرت إحدى الوثائق أنه تم القبض على عدد من الأشخاص من الجنسية السورية واللبنانية عام 2013 بالصين لدى محاولتهم الحصول على معدات لتصنيع “الكوكائين”، قبل أن تعاد وتظهر أسماؤهم من جديد إلى جانب عدد من تجار المخدرات المرتبطين بالنظام.

بالعودة إلى العرض السعودي الحالي، فانه يشابه العرض الذي جرى تقديمه للأسد الأب في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، والذي حجم تجارة “الحشيش” و “المخدرات” القادمة من لبنان، حيث كان حافظ الأسد يتمتع وقتها بالسيطرة على حكومة مركزية مكنته من اتخاذ القرار وحيدا، بينما بشار الأسد يختلف الحال، حيث حكومته المركزية ضعيفة لا تسيطر على مناطق نفوذه حتى، كما إنه ليس الوحيد الذي يقود عملية التجارة المخدات تصنيعًا وتصديرًا، وإنما هناك لاعبون آخرون من “الحرس الثوري” الإيراني، “حزب الله” اللبناني، أمراء الحرب، قوات سوريا الديمقراطية وصولا إلى مجموعة “فاغنر” الروسية، ما يجعل عملية مكافحتها أمرا معقدا وطويلا.

إضاف إلى ذلك، أن العرض السعودي هو على شكل مساعدات زراعية، أي أن هذه الاموال سوف تقدم الى مؤسسات الدولة، بينما أموال “الكبتاغون” تذهب إلى حسابات الغرفة الاقتصادية بالقصر الجمهوري والاعببين بهذه التجارة في سورية ، وجزء منها يتسرب بشكل مباشر الى حسابات أسماء الأخرس في المصارف العُمانية والإماراتية، إضافة إلى حسابات مستفيدين لشراء ولاءاتهم لصالح الأسد ونظامه.

لذا من هذا العرض يمكن اعتبار ان السعودية ليست واثقة من قدرة الأسد على محاربة تجارة “الكبتاغون”، وان العرض ليس أكثر من طريقة لشراء ولاء الأجهزة الأمنية في حكومته والالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على حكومة نظام الاسد ، وان السعودية ترى بالعرض بأنه الطريق الأسهل للعودة للمشهد السوري، وهو استسهال يشير الى السياسات العامة للسعوديةالتي باتت تتبعها، كأنها تسلك ذات السلوك عندما تريد شراء لاعبين وفنانين ومهندسين جاهزين دون الاضطرار الى البدء بتهيئة أجيال من مواطنيها لصناعة منهم ما تحتاجه.

والسعودية بعرضها المقدمة لحكومة النظام  تهمل احد اهم العناصر في استراتيجية محاربة المخدرات، وهو محاربة طرق التهريب التي تعتبر المشجع والرئة للهذه التجارة ، وبالحالة الخليجية عموما تعتبر الأردن أحد أهم طرق التهريب، فقد اشارت الوثائق إلى أن هناك شخصيات من الديوان الملكي الأردني متورطة بعملية تسهيل تهريب المخدرات، فضلا عن وجود شخصيات من أجهزة الاستخبارات إقليمية هي الأخرى لها دور في هذه التجارة، اضفة الى اين تذهب اموال ما يتم بيعه من هذه التجارة والالية التي تتم بها؟ ، خاصة ان صحف دولية تشير الى ان واحد من اصل عشرة يتم القبض عليها .

تلك الأسباب تشكل مجتمعة عقبات أمام نجاح مبادرة السعودية، وبما أن استراتيجية الأسد تعتمد على توريط الجميع معه عبر الزمن، واغراقهم بالتفاصيل للاستمراره في السلطة، وبالتالي فأنه قد يقبل عرض السعودية، وفي سبيل ذلك يغير بعض من قواعد التجارة المخدرات، بأن يخفض إنتاج “الكبتاغون” لصالح الزيادة في انتاج الكوكائين و الهيرويين واخذها عبر طرق أخرى الى الاسواق الخليجية ، حيث يشير المصدر الخاص للمنصة اقتصادي أن القرار قد أخذ من قبل حكومة نظام الاسد بتفكيك حواجز الفرق الرابعة و اعادة هيكلة انتشارها  لإظهار نفسها على أنها تكافح المخدرات وتجاراتها، وان يغير من هيكلة اجهزة استخباراته ، بهدف فرض إعادة تأهيل حكومة نظام الاسد والاعتراف به  من قبل المجتمع الدولي وتجميد قانون الكبتاغون .

اترك تعليق

مقالات ذات صلة