في خطوة مدفوعة بالاحتجاجات الشعبية ضد الواقع المعيشي في الجنوب السوري، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً صورياً جديداً مماثلاً لمرسوم مضاعفة رواتب الموظفين، والذي أدى إلى موجة ارتفاع لاهبة بأسعار المواد الغذائية، كونه يأتي من أموال وفّرها من رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب وصلت إلى 160 في المئة، لا من خزينة حكومته.
تخفيض الضريبية
ويقضي المرسوم الجديد بتخفيض نسبة الضريبة على دخل الرواتب والأجور، وتخفيض الضريبة على الدفعة المقطوعة ورفع الحد الأدنى المعفى منها وربطها مباشرة مع الحد الأدنى للأجور المحدد للعاملين بالقطاع العام وذلك اعتباراً من بداية أيلول/سبتمبر.
كما خفّض الأسد بموجب المرسوم نسبة الضريبة على الدخل لمكلفي ضريبة المهن والحرف التجارية وغير التجارية بما في ذلك المهن العلمية، ورفع الحد الأدنى المعفى ليصبح 3 ملايين ليرة سنوياً بدلاً من 50 ألفاً، وتخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للمنشآت السياحية إلى 2 في المئة بدلاً من 2.5 في المئة.
وبموجب المرسوم، تُعفى منشآت المباقر والدواجن من الضريبة بشكل كامل على أرباح الدخل من بداية 2022، تخفيض نفقات المسؤولية الاجتماعية والتبرعات المدفوعة من قبل المكلفين بما لا يتجاوز 4 في المئة من الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة.
زيادة دولارين
وأصدر الأسد قبل نحو أسبوعين، مرسوماً بمضاعفة رواتب الموظفين في القطاع العام، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 185 ألف ليرة، أي حوالي 12 دولاراً، لكن القرار أدى إلى اندلاع موجة احتجاجات في السويداء تحولت إلى مطالب سياسية تنادي برحيله ذلك أن الزيادة سبقها رفع أسعار المشتقات النفطية أدت إلى زيادة الأسعار بنسب فاقت الزيادة بأشواط كبيرة.
ويوضح الخبير والباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن الأسد رفع الحد الأدنى المعفى من الضرائب على رواتب الموظفين من 50 ألف ليرة إلى 185 ألفاً، كما خفّض بموجب المرسوم ضريبة الدخل على مكلفي المهن والحرف غير التجارية، وغيرها من الإعفاءات والمزايا الضريبية.
ويقول السيد عمر ل”المدن”، إن للمرسوم تأثيراً محدوداً على مستوى الموظفين الحكوميين لأن الحد الأدنى المعفى من الضريبة أصبح 12 دولاراً، وبالتالي زاد المرسوم بشكل مباشر دولارين فقط على الأجور والرواتب، مشيراً إلى أنها زيادة منخفضة ولا تؤثر بشكل حقيقي على مستوى الدخل.
ويضيف أن الهدف من القرار ذي الفائدة المحدودة هو تخفيف حدة النقمة الشعبية على حكومة النظام، لكنه يؤكد أن ذلك لن يحدث لأن الفجوة بين الدخل والنفقات مازالت واسعة جداً، ذلك أن تكاليف معيشة الأسرة المؤلفة من 5 أشخاص تتجاوز 6 ملايين ليرة شهرياً أي 400 دولار، وعليه فإن زيادة دولارين ليس لها أثر حقيقي على مستوى المعيشة.
مركزية الأسد
ولا شك أن مراجعة الأسد للضريبة المفروضة على الحد الأدنى للرواتب جاء تحت الضغط الشعبي والاجتماعي، وهو يؤكد عليه الخبير الاقتصادي ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم، موضحاً أن كلفة إصدار المرسوم حتى تنفيذه بتراتبيته الإدارية والوزارية هي أعلى بكثير من الزيادة الناتجة عن تخفيض الضريبة ما سينهك موازنة الدولة السورية الفارغة أصلاً.
ويقول الكريم ل”المدن”، إن المرسوم تقني أكثر مما يهدف إلى تحسين دخل الموظف السوري، مضيفاً أن الحاجة لإصدار مرسوم رئاسي لاقتطاع أقل من 3 دولارات هو أمر بالغ الخطورة، إضافة إلى كون المرسوم يعد اعترافاً من الأسد بمستوى التضخم في البلاد والذي يعتبر “العدو الأول للديكتاتوريات”.
ويُظهر المرسوم أن قراراً إدارياً بسيطاً تدخل به الرئاسة ولا يستطيع الوزير أو مجلس الوزراء اتخاذه، وبالتالي فهذا تأكيد على أن أحد أسباب الانهيار الاقتصادي هي المركزية في القرارات وتحكم الأسد وحده بها، والتي تُنهك بدورها الخزينة العامة للدولة حسب الكريم.
المقالة المنشورة على موقع المدن