41
مصطفى محمد
تبدأ إيران ترجمة العقود ومذكرات التفاهم التي وقعتها مع النظام خلال السنوات الماضية إلى مشاريع على الأرض، وتستهلها بإنشاء مصفاة جديدة في سوريا كان مساعد وزير النفط الإيراني جليل سالاري أكد الانتهاء من الدراسات الأساسية لها، بتوقيع مذكرة تفاهم سابقة بين إيران وفنزويلا وسوريا بهذا الخصوص.
وكان سالاري قال الأربعاء إن الدراسات خلصت إلى أن “سوريا والدول المجاورة لها بحاجة للمنتجات النفطية، ونتيجة لذلك تم تحديد مصفاة بسعة 140 ألف برميل الى جانب المصفاتين السوريتين الموجودتين (حمص وبانياس) وتم إدراجها على جدول الأعمال كي تدخل مرحلة التمويل والإنشاء”.
ويربط محللون توقيت إعلان إيران عن انتهاء الدراسات لإقامة مصفاة النفط في سوريا، بزيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الصين، معتبرين أن الخطوة تؤكد توجه طهران نحو ترجمة العقود، تحسباً لدخول بكين على خط الاستثمار في سوريا.
اندفاعة إيرانية
ويرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أنه لا يمكن الفصل بين التصريحات الإيرانية وبين اتفاقية “الشراكة الاستراتيجية” التي وقعها رئيس النظام مع الصين، خلال الزيارة التي توشك على الانتهاء. ويُفسر الباحث “الاندفاعة” الاقتصادية الإيرانية إلى مخاوف طهران من دخول حقيقي للصين في سوق الاستثمارات السورية، بحيث تخشى إيران من أن تُجردها الصين من الاستثمارات السورية، كما فعلت روسيا من قبل في مجالات الفوسفات والمطاحن.
ويوضح الكريم في حديثه لـ”المدن” أن الصين في حال دخلت السوق السورية فهي ستركز على مشاريع النفط والطاقة، ولذلك تريد طهران تثبيت موطئ قدم في هذا المجال الاستثماري، ما يضمن لها حصة من المشاريع النفطية إلى جانب تحويل سوريا لمنصة لتصدير نفطها عبر البحر المتوسط.
وحسب الباحث، يؤسس إنشاء مصفاة النفط لوجود إيراني طويل في المنطقة (سوريا ولبنان)، بحيث تمتلك إيران دائرة اقتصادية مغلقة للتمويل بعيداً عن مؤسسات الدولة السورية.
نبش الدفاتر القديمة
ما يبدو لافتاً أن مذكرة التفاهم التي ذكرها المسؤول الإيراني كأساس لإنشاء المصفاة، تعود إلى نهايات العام 2006، بحيث بدت طهران وكأنها تنبش الدفاتر القديمة بحثاً عن فرص استثمارية في سوريا.
ويتفق مع ذلك الكاتب المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو، ويقول لـ”المدن”: “تواجه إيران مشكلة في مجال تكرير النفط، والمصفاة في سوريا تساعد إيران على بيع المحروقات للسوق السورية ولبنان وغيرها من الدول المجاورة”.
أما بخصوص فنزويلا، فيشير إلى وجود تفاهمات بين إيران وفنزويلا، ويقول: “من غير المستبعد أن تعتمد المصفاة الجديدة على النفط الخام من فنزويلا”.
وكان المسؤول الإيراني، ذكّر بأن الاتفاق بشأن إصلاح مصفاة حمص البالغ سعتها 110 آلاف برميل على يد مهندسين إيرانيين، تم خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني إلى سوريا في أيار/مايو الماضي، وقال إن إيران “ستتمكن من تصدير 100 ألف برميل يومياً من نفطها إلى سوريا بعد إجراء تلك الإصلاحات”، معتبراً أن هذه الأنواع من المشاريع “تسهم في زيادة حركة تصدير الخدمات الفنية والهندسية وتوليد الدخل للشركات الإيرانية التكنولوجية”.
وأضاف: “قمنا بتعيين المدير المشرف على الإصلاحات الأساسية لمصفاة حمص، وبعد الانتهاء من الدراسات سندخل قريباً في مرحلة توقيع العقد والتشغيل”.
تشكيك بنجاح إيران
في المقابل، يقلل الباحث بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي من حظوظ نجاح إيران في إنشاء مصفاة نفط في سوريا، مرجعاً ذلك إلى العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا والنظام السوري، ويقول لـ”المدن”: “لن يكتب لهذا المشروع النجاح ما لم يحظ بموافقة الولايات المتحدة، وخاصة أن اقتصاديات الدول الثلاث تعاني بما يكفي”.
ومن وجهة نظر النعيمي، فإن المصفاة ليست سوى “ركيزة” تسعى إيران إلى تثبيتها خدمة لمشروعها الطائفي والتوسعي في المنطقة.
المقالة منشورة على موقع المدن .