مصطفى محمد
أعطى تلميح حكومة النظام السوري بإلغاء عقد استثمار شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية لصناعة الأسمدة (قطاع حكومي) في حمص، الكثير من المؤشرات والدلالات، خصوصاً لجهة توقيت الخطوة الذي جاء في الوقت الذي يزور فيه رئيس حكومة النظام حسين عرنوس على رأس وفد اقتصادي إيران، أبرز المنافسين على الثروات السورية.
ومن دون إعلان رسمي، كشفت وسائل إعلام موالية للنظام عن قرار إيقاف تزويد معامل الأسمدة في حمص بالغاز، اعتباراً منتصف كانون الأول/ديسمبر 2023، مؤكدة أن عرنوس وجّه وزارة الصناعة إلى وقف تزويد المعمل بالغاز.
إعادة نظر بالعقد
وقال موقع “هاشتاغ” الموالي إن عرنوس طالب وزارة الصناعة بإعادة النظر في العقد المبرم مع الشركة الروسية، بسبب “عدم تحقيق الجدوى الاقتصادية”، مشيراً إلى مطالبة عرنوس ب”البحث عن الخيارات البديلة”، وهو ما اعتبره الموقع دليلاً على توجه حكومة النظام نحو إلغاء العقد مع “ستروي ترانس غاز”.
وفي شباط/فبراير 2019، صادق “مجلس الشعب” التابع للنظام السوري على عقد استثمار معامل شركة الأسمدة (معمل الأمونيا يوريا ومعمل الكالنترو ومعمل السماد الفوسفاتي) في حمص لصالح الشركة الروسية، على أن تكون حصة النظام 35 في المئة من أصل الأرباح الإجمالية السنوية.
ويُحدد العقد مدة الاستثمار ب 40 عاماً بقيمة لا تقل عن 200 مليون دولار، مع إمكانية فسخ العقد والمطالبة بالتعويض إذا لم يستطِع الطرف الروسي إيصال المعامل للطاقة التصميمية خلال عامين. ويُلزم العقد “ستروي ترانس غاز” بتطوير وصيانة وتحديث المعامل في الشركة، والحفاظ على بقائها وإنتاجيتها طوال فترة العقد وحتى لحظة التسليم عند انتهائه.
ويتضح من المعطيات السابقة أن إمكانية إلغاء العقد غير ممكنة، بحيث حدّد العقد إمكانية الفسخ خلال عامين من تاريخ توقيع العقد في العام 2018 والذي جرت المصادقة عليه في العام 2019.
ويؤكد الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم ، أن النظام لا يمتلك صلاحية إلغاء عقد الشركة الروسية، ويشير إلى محاولة النظام الإيهام بأنه لا يزال يمتلك قرار مقدرات البلاد، وخاصة في ظل محاولات كسر جمود مسار التطبيع العربي معه.
الاتفاق مع روسيا؟
ويرجح الكريم أن يكون غرض الخطوة الحقيقي هو الضغط على شركة “ستروي ترانس غاز” المملوكة للملياردير الروسي غينادي نيكولافييتش تيموشينكو، بتنسيق وإيعاز روسي، لتبديل ملكية عقد استثمار معامل الأسمدة إلى شركة روسية أخرى، في إطار التغييرات التي تجريها روسيا على استثمارات شركاتها في سوريا وليبيا على خلفية تمرد ومقتل قائد ميليشيا “فاغنر” يفغيني يريغوجين.
وكانت “فاغنر” تتسلم مهام حراسة معمل الأسمدة ومناجم الفوسفات في مواقع عدة في بادية تدمر، وعن ذلك يقول الكريم إن “النظام بعد أن فشل بأن يكون بديلاً لفاغنر التي عادت لنشاطها في سوريا، هو يُقحم استثمارات البلاد في معارك داخلية اقتصادية روسية”.
ويضيف أن النظام لا يمتلك من معمل الأسمدة إلا نسبة 30 في المئة من الأرباح، ويدل على ذلك بعدم توقف النظام عن تزويد المعمل بالغاز رغم أزمة المحروقات الخانقة التي يُعاني منها.
لكن كل ذلك لا يُلغي العقبات التي تواجهها الشركة الروسية في معمل الأسمدة السورية، الناجمة عن الفساد والمشاكل مع العمال السوريين والبيئة غير الآمنة.
المقالة منشورة على موقع المدن