الرئيسية » النظام الاقتصادي العالمي الجديد ” اقتصاد الخوف”

النظام الاقتصادي العالمي الجديد ” اقتصاد الخوف”

بواسطة يونس الكريم

اقتصادي – خاص:

منذ فجر التاريخ والاثار تشير ان الانسان اتخذ خطوات لمواجهة غموض المستقبل وعدم  يقينه معتمد الى ما يشير إليه أحساسه ، وكل ما ارتقى بسلم المعرفة أتخذ خطوات اكثر  منهجية وعلمية معتمداً على التجربة لمواجهة هذه الغموض فطّور من قدرته للحصول على السلع و الخدمات بكل وقت ..الخ ، وكلما أشتدى غموض المستقبل أخذ الانسان أحتياطات أكثر ، وقد وجد عند المصريين جرار من الحنطة والخبز مخزنة والتي تشير الى مواجهة غموض البيئة …وقد ذكر القرأن ذلك ايضا بسورة يوسف التي تروي قصته “قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم “ حيث تشير القصة إلى احساس الخوف ومواجهته اقتصادياً ، وفي العادات المحلية تشتري المرأة الحلي للزينة ولمواجهة غموض المستقبل ويسمى باللهجة المحلية “غدر الزمان” ، وهذا السلوك سلوك خوف إضافة الى إشباع رغبة الزينة  .

هذه الممارسات تنتدرج تحت مسمى اقتصاد الخوف اي هو السلوك الذي يتخذه الفرد لمواجهة التغيرات المتوقعة وغير متوقعة بهدف إشباع رغبة لديه أو المحافظة عليها ، لكن وصول النظام الاقتصاد الراسمالي المعولم “الراسمالية ملتون”  الى سد مغلق منذ عام 2001 والتي ظهرت بشكل أزمة الفقاعة الأقتصادية والتي يقصد بها تلك الظاهرة التي تبدأ بتوسع سريع في السوق يعقبه أكماش حاد فيه.

أقتصاد الخوف هو السلوك الذي يتخذه الفرد لمواجهة التغيرات المتوقعة وغير متوقعة بهدف اشباع رغبة لديه او المحافظة عليها

ولعلى انفجار فقاعة الدوت كوم والرهن العقاري  أمثلة جيدة حيث أظهرت الدور الذي يلعبه «الطمع» و«الخوف» في التأثير على قرارات المستثمرين المالية، عندها بدأ التسليط الضوء على أقتصاد الخوف وتحويل الممارسات فيه إلى علم و تجاوز مبادئ الأقتصاد التقليدي القائم على  الندرة  ومبادئ الأحتكار المواد والتحكم بالسلاسل الانتاج كمدخلا ريئسيا لانتاج الثروة وترسيخ السلطة والتفاوتات الى علم يهتم بسلوك الانسان خاصة مشاعره ، لا سيما الخوف في القرارات الاقتصادية، فحينها كثيراً ما تصبح المعطيات الاقتصادية من أرقام وإحصاءات هامشية أمام شعور متخذ القرار الاقتصادي بالخوف اي السلوك الواقعي وليس المثالي كما هو الحال بالاقتصاد التقليدي.

بعد ازمة الفقاعة تم تسليط الضوء على اقتصاد الخوف وتحويل الممارسات الاقتصادية المعتمدة على اقتصاد الخوف الى علم  قائم بذاته

اذًا علم اقتصاد الخوف هو علم سلوكي الذي  يمزج بين الاقتصاد الجزئي ، وعلم النفس وعلوم الأعصاب.

يرى هذا العلم أن القرارات المالية ليست نتيجة سلوك عقلاني تتخذ بهدف تعظيم المنفعة  ، بل نتاج دوافع غير عقلانية من المستهلكين والمستثمرين، و يتم إنتاج الظواهر الاقتصادية نتيجة لعوامل نفسية واجتماعية ومعرفية مختلفة تؤثر على صنع القرار لدينا ،والمثال الشائع هو التأمين ، فالتأمين هو أحد الصناعات القائمة على اقتصاد  السلوكي ( الخوف )، فالناس على أستعداد لدفع مبلغ كبير من المال لمنع أي فرصة ضئيلة تؤدي لفقدان قدر كبير من ثرواتهم . وبذلك تصبح تكلفة التأمين أعلى من الفوائد التي تحققها أو تضمنها على المدى الطويل، وهو ما تؤكده الأرباح الكبيرة التي تحصدها تلك الصناعة.

علم اقتصاد الخوف هو علم سلوكي الذي  يمزج بين الاقتصاد الجزئي ، وعلم النفس وعلوم الأعصاب.

تظهر فكرة “الخوف من التغيير” أيضاً كأحد داعائم اقتصاد الخوف ، فالناس يتأثرون بالأحداث التي اختبروها في الماضي، وحتى لو تغيرت الظروف فيما بعد ، يتذكر الناس ما كان عليه الحال في الماضي، ويظل لذلك تأثير قوي على صنع القرار الاقتصادي الحالي ، فعلى سبيل المثال، قد يستمر الأفراد في الإنفاق على المشتريات بحجة الخوف من فقدان السلع رغم معرفتك ان حكومتك وتجارك ملزمين بتأمينها و على الرغم من أن توقعات الدخل المستقبلية ليست واعدة كما كانت في السابق، فانت تشتري الثياب و السلع الرفاهية خوف من فقدانها عدى الخوف من  توقعات التضخم تستند إلى حد كبير إلى البيانات السابقة، وبالتالي فإن زيادة  التضخم تولد المزيد من المخاوف و المزيد من التضخم بسبب الإقبال على الشراء من الخائفين من المزيد من ارتفاع الأسعار وهو ما يشكل حلقة معندة من التضخم.

متى بدأ توظيف الخوف ( استعماله) كأقتصاد ؟

“الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه!  الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت»، في أول خطاب له أثناء الكساد الكبير عام 1933”

مع تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية ( اقتصادية ملتون )  وانفتاح دول العالم بعضها على بعض، وتشابك مصالحها الاقتصادية والأمنية، وما أعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر من توترات عالمية، وإعلان حرب شاملة على الإرهاب تتجاوز الميدان العسكري والأمني لتشمل النشاطات الاقتصادية والمالية والمصرفية كافة، أصبح العالم يعيش حالة من المخاوف الأمنية شلت بصورة واضحة حركته الاقتصادية، وبدأ يظهر على صفحات القاموس الاقتصادي للمرة الأولى مصطلح “اقتصاد الخوف”.

ذلك إن  الخوف من الحرب يضعف الاقتصادات العالمية ويؤثر سلبا في مختلف قطاعاتها الحيوية أكثر من الحرب نفسها، فالحرب العسكرية في الميدان يمكن حساب تكاليفها الاقتصادية بدقة حتى قبل أن تضع أوزارها، ولكن الخوف من الحرب يدخلها بهالة فضفاضة تتسع لكل السيناريوهات والافتراضات وحتى التصورات الشخصية التي تتحكم جميعها في السلوك الاستثماري والاستهلاكي للأفراد والمؤسسات والحكومات.

فبدأ سلوك الاستثماري ينقاد وراء تصورات مبنية على الخوف مما جعل الهزات تتولى من أزمة الفقاعة الدوت كوم الى ازمة الرهن العقاري التي تخفي بطياتها أزمات مركبة لقطاع المال والتجارة من خلال أولويات الشراء ،  ومع كل ازمة تظهر كان أقتصاد الخوف يتبلور أكثر ويظهر  على العلن  تحت تسميات منمقة له إلاّ وهو أقتصاد السلوك و للعلم إن أشهر من كتب فيه يعودون الى ذات مدرسة الراسمالية المعولمة  شيكاغو ، ومنهم “ريتشارد ثالر” رائد علم الاقتصاد السلوكي الجائز على جائزة  نوبل للاقتصاد عن علمه الرائد في الاقتصاد السلوكي وسيكولوجيا إتخاذ القرار منها ، وهو ما يمكن اعتباره ان اقتصاد السلوك ( أقتصاد الخوف) هو تطور بنيوي لاقتصاد الراسمالي المعولم ، فتعميم الرعب وامتلاك المعلومة وتقدير مستوى الخطر هو، بالضبط، ما يسمح بمراكمة الأرباح وتحقيق مزيد من الهيمنة، لتقرير أحوال ومصائر الشعوب والحكومات وهذا هو جوهر الراسمالية المعولمة.

ان اقتصاد الخوف ( أقتصاد السلوك ) هو التطور البنيوي لاقتصاد الرأسمالي المعولم ، وذلت لتجاوز الاختناقات و الامات التي بدات تعيق عمل النظام الرأسمالي المعولم وتضغط نحو استبداله .

 

وذلك بالضبط ما لاح بقوة في كل الحروب التي استهدفت العراق وأفغانستان واليمن وليبيا، والتي كانت تتم باسم “الحرب على الإرهاب” أو “استعادة الشرعية” أو “مواجهة الشر”، فاقتصاد الخوف هو الذي كان يؤسس التدخلات ويبرر التقسيمات والإفادات من “كعكة الخوف“.

تعميم الرعب وأمتلاك المعلومة وتقدير مستوى الخطر هو، بالضبط، ما يسمح بمراكمة الأرباح وتحقيق مزيد من الهيمنة، لتقرير أحوال ومصائر الشعوب والحكومات وهذا هو جوهر الراسمالية المعولمة.

نفس الأمر، وإن كان بصيغ أكثر تطوراً، نلاحظه اليوم في تدبير جائحة كورونا، فلا شيء يعلو على “تمارين” التخويف والترهيب، اتصالاً بالفيروس التاجي وسلالاته المتحورة، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، وكذا بلقاحاته المتعددة الجنسيات، والتي كانت ولا زالت موضع تشكيك أو استعادة ثقة، بما يدل على أن الهدف هو تجذير ثقافة الخوف واللايقين، والتي تزيد من أرباح الشركات التي تتوكأ في أشتغالها على التلاعب بمصائر الإنسانية.

باقتصاد الخوف يكون الخوف هو المخطط  للاقتصاد ما يجب أنتاجه وما يجب لا أنتاجه من خلال التحكم بالمستهلكين ، فلا تعود الندرة أو المهارة هي التي تحدد الأنتاج ، إنما التلاعب بمشاعر الخوف .

اقتصاد الخوف يكون الخوف هو المخطط  للاقتصاد ما يجب انتاجه وما يجب لا انتاجه من خلال التحكم بالمستهلكين ، فلا تعود الندرة او المهارة هي التي تحدد الانتاج ، وهذا ما يحدث مع جائحة كورونا حيث الاجراءات فيها كانت لا تعدو  عن تمارين التخويف والترهيب.

ومع ذلك، فلا بد من الانتباه إلى أن أباطرة أقتصاد الخوف الذين يتحكمون اليوم في مصير العالم ويتلاعبون به ، لا تهمهم الأرباح وحسب، بل يستهدفون بنيات المجتمعات، تفكيكاً وتجريفاً وتحويراً لاجل أعادة بنائها  وفق خططهم وتصوراتهم ، في الكتاب الشهير “الجهاد في مواجهة ماكوورلد” لبنجامين باربر الذي  يرسم خطوط  اقتصاد الخوف  ويحددها بالأصولية الرأسمالية والتي لا تختلف بشيء عن الأصوليات الدينية من حيث تطرّفها ورفضها للآخر حيث تزرع الخوف من كل شيء،  عندها تصبح المجتمعات هشة وتبدأ رحلة البحث عن جهة تستطيع الاحتماء بها، بل ان دولها مهما  ما أمتلكت من قوة تصبح هشة  هي الأخرى و تحت رحمة الشركات التي تتلاعب بمشاعر خوف مواطنيها ، فتصبح العلاقة طفيلية يفقد المضيف الحركة و الأختيار و التفكير .

فهناك الآن خمس شركات عملاقة تُـسيطر على 50% من الأسواق العالمية في مجالات صناعات الفضاء والمكونات الإلكترونية والسيارات والطائرات المدنية والفولاذ والالكترونيات على سبيل مثال (أوربيتال إنسايتOrbital Insight) ، سباير (Spire) بيس إكس (SpaceX) …

بلو أوريجين (Blue Origin) ،كيميتا (Kymeta) ،الشركة الصينية للتكنولوجيا وعلوم الفضاء).

وهناك خمس شركات أخرى، تسيطر على 70% من السلع الاستهلاكية ذات الديمومة (نستله (Nestlé) ،كوكاكولا ، بي & جي (P&G) ، جونسون &جونسون (Johnson & Johnson) ،يونيلفير (Unilever))

– وثمة خمس شركات غيرها تهيمن على 40% من النفط والعقول الإلكترونية الخاصة والإعلام.

و51% من أكبر الاقتصادات في العالم اليوم، هي شركات لا دُول،  مبيعات 200 شركة، تمثّل 28،3% من الإنتاج الخام العالمي.

كل هذه الأرقام تعني ببساطة، أن السوق العالمي الموحّـد ومعه القرية العالمية وحتى مفهوم الحضارة العالمية الواحدة، سيكون عمّـا قريب “مِـلكية خاصة” لحفنة من البشر قد لا يتجاوز عددهم عدد مجالس الإدارة في واحدة من الشركات الخمس المذكورة أعلاه وأن الحرية لم تعد أكثر من شعار يتداوله المواطنين و سلاح لاقتصاد الخوف يحركهم باتجاه المرسوم لهم من قبل هذه الشركات  .

اذا النظام الجديد البديل عن الاقتصاد الراسمالي المعولم المصاب بالازمات قد اوجد لنفسه بديل هو اقتصاد الشركات الذي جعل من الدول حارس لها ومجاني بل ويقوم بضخ اموال مواطنيه من الضراب لهذه الشركات بحجة الخوف من خروج هذه الاستثمارات من الاقتصاد ودخول بازمات .

اذا النظام الجديد البديل عن الاقتصاد الراسمالي المعولم المصاب بالازمات قد اوجد لنفسه بديل هو اقتصاد الشركات الذي جعل من الدول حارس لها ومجاني بل ويقوم بضخ اموال مواطنيه من الضراب لهذه الشركات بحجة الخوف من خروج هذه الاستثمارات من الاقتصاد ودخول بازمات .

 ما محددات اقتصاد الخوف ؟

“إنه الخوف الذي يشل اقتصادنا”باتريك دبليو واتسون”، كاتب اقتصادي لدى موقع فوربس، الخوف وفق هذا الننط لم يعد محصور بمشاعر انسانية انما بات له قواعد واضحة المعالم تشكل حدود اقتصاد الخوف 

  • الخوف من المجهول والقلق من المستقبل  ، فكلما زاد جهلنا من القادم زاد الخوف والذي طوعى له عالم الميديا بكل ميادينه ،  ولمواجهة الخوف ظهرت صناعة التأمين ، كحل ، فالتأمين يشمل سلسلة طويلة من أتخاذ القرارات التي تصبح حياتك و تصرفاتك ملك لهذه الشركات فتبدأ مساحتك الشخصية تتضائل ويتم تحريكك حيث هم يشاؤون.
  • الخوف من ضياع الفرصة قُدمت ظاهرة الخوف من ضياع الفرصة «فومو FOMO»، كمفهوم لأول مرة من قبل دكتور دان هيرمان عام 1996. توصل هيرمان، من خلال المقابلات التي أجراها مع مجموعات من المستهلكين، أجمع معظمهم على ان ما يحركهم باتخاذا القرار  هو  شعور الخوف من“تفويت الفرصة”، تلك الظاهرة وصفتها إحدى الدراسات على أنها قلق اجتماعي عام إزاء شيء يراه الناس فرصة يخشون ضياعها بينما قد لا يكون كذلك، وعندها يتم اغلاق على التصرف العقلاني بكيس خلف الظهر او بكلام اسهل يغيب الوعي و العقل والمنطق لصالح اللاوعي و لرد الفعل .
  • شعبوية الأسهم : ويقصد بها ان قرار الاستثمار لا يعتمد على الدراسات و لابحاث الاختصاصين و ان التخطيط سوف يختفي كأحد مدادات اتخاذ القرار الاستثمار  لتحل محلها شعور الفرد امتخذ تزيفاً المعرفة من خلال سياسة القطيع التي تصبح الأحاسيس وكأنها واقع معرفي ممنهج ، واكثر المجتمعات انتشارا بها الاسهم الشعبوية هي المجتمهات التي تعرف افتراضاً بأنها تتمتع  بـ “المعلومات الكاملة” المتناولة بيد المواطنين دون تقيد علمي مسبق لنشر هذه المعلومات وهو ما يعرضها لتقلبات عنيفة بالاستثمار اي بنظامها الاقتصادي و ما ينعكس على السياسة و الاجتماع وبالتالي على الحرياتهم ، ففي فترات الازدهار، يقفز الناس للحاق بالقطيع ويُقبلون على الاستثمار بشراء الأسهم أو المنازل حسب  ما يصور له الاعلام . ولكن عندما يتغير مزاج السوق قليلاً، يمكن أن يتغير مزاج الناس بسرعة بحيث يسارعون للبيع بصورة جنونية، في محاولة للخروج قبل انهيار السوق، فالاستثمار بالعملات الرقمية هو الاخر مثال على شعبوية الاسهم التي بدا الجميع يظن انه يملك المعرفة بها في حين الحقيقة كانوا يساقوا للتوارط بها دون معرفة إلاّ ما هم أردوه ان يعرف ،  أن شعبوية الاسهم تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي والميديا عموماً  لتكوين تلك الثقافة ثقافة القطيع بالاعتماد على موجة “FOMO” ا ، وحول هذا الأمر، كتب ديفيد تشيرمونت، مدير علاقات المستثمرين الدوليين في شركة الاستشارات “إنباوند كابيتال” في مذكرة إلى العملاء، أن السوق أصبحت في قبضة “شعبوية الأسهم”، ان العملات الرقمية ليست إلا احد داعائم اقتصاد الخوف للمراقبة ومن ثم تحكم بمقدار الخوف  .

 شعبوية الاسهم ليست حصراً على المجال الاستثمار انما يمكن تطبيقها باي مجال يعتمد على سياسة القطيع الذي يجعل اتخاذ القرار السليم بخطر.

  • الامال مشجعة :ربما تكون أفضل الحكم الموروثة من الأجداد لمن يريدون أن يصبحوا من أصحاب الملايين هي المثابرة، والدراسة الجادة، والعمل الجاد، والأدخار مع الأستفادة من الرافعة المالية  ، لكن الملايين من الخريجين صُدموا بسوق عمل مزقتها الازمات وسيطرة عليها الشركات الكبيرة التي تبحث عن الأيدي الرخيصة و الخبرات المؤتمتة ، فبات سوق العمل يتميز بالركود  واعادة الهيكلة ابشكل مستر اخرها بسبب جائحة كورونا ففي اوربا طوابير من طلاب الذين يشكلون اساس العمالة المستقبلية  غير قادرين على تأمين وجبة طعام واحدة عدا الأعلام الذي يشير أن سوق العمل دخل بركود أي أنه  لا فرص عمل لهؤلاء الطلاب مستقبلياً ! ، هذا الأمر جعل الخوف من الغد فرصة !،  لتأتي الشركات الكبيرة بالحل من خلال أخبار الثراء المفاجئ والسهل ، وكيفية أُختصار الطرق ، كالتي يروج لها المشاهير من خلال مخططات الاستثمار في العملات المشفرة، او العمل بقطاعات التي يوجها التسوق الالكتروني بل حتى الحلول المباشرة  ، والذي يقضي بالحقيقة على فرص عملهم المستقبلية،  وبالتالي أختفت تلك القيم حول العمل الجاد و المثابرة  وباتت القوى العمل من الطلاب وحيدة اليوم أمام اقتصاد الخوف يخطط  لهم وفق احتياجات اقتصاد الخوف لا احتياجات سوق العمل   ! ، وحتى بالنسبة إلى الشباب الأكثر رصانة، فإنه من المغري تخيّل أن ضربة واحدة كبيرة ومربحة في بتكوين أو خيارات الأسهم، يمكن أن تمحو قرض الطالب أو أن تساعد في إطلاق شركة أو توفير دفعة مقدمة لشراء منزل.

الامال المشجعة هي اساس بناء المستقبل ، لكن الامال التخيلية بالثراء  بسبب الحظ هو احد دعائم اقتصاد الخوف حيث يعيق التفكير المنطقي و يسلم  التفكير الى الاحاسيس .

هل كل اقتصاد خوف هو اقتصاد شرير ؟

لا ، فإقتصاد السلوكي ( الخوف)  يثري الإقتصاد التقليدي بدمج أفكار من حقول متعددة،  النتيجة من كل ذلك هي تحليلات اقتصادية أكثر قوة وحيوية ترتكز على افتراضات أكثر واقعية حول الافراد والطريقة التي يتصرفون بها في العالم الواقعي والظروف التي تؤثر على سلوك .

لكن يبقى الأمر على الية أستخدام  إقتصاد السلوكي ومن يستخدمه ؟ هل يستخدمه لتعميق الخوف ؟.

أن ببيئة السوشيل ميديا التي تعتبر مسرح للشركات الكبيرة المعولمة ، يغدوا اقتصاد الخوف عبارة عن قبعة السحرية بيدهم  مرة يظهرون ارنب ابيض وديع ومرة يخرج وحش كاسر .

كيف تتجاوز هذه التأثيرات اقتصاد الخوف او مواجهته ؟

حتى الأن لا يوجد حل إلا بالابتعاد عن التقنيات الاعلامية عند أتخاذ قرار الشراء و ضبط النفس والسير على الخطة الموضوعة  وعدم الانجرار وراء الامال السهلة فالحياة أصعب و أعقد من ان تربح بشكل مفاجئ ، وعلينا نحن ضحايا اقتصاد الخوف  التعاضد بالبحث عن تشريعات جديدة ترجع المساحة الشخصية، بالاعتماد على المنظمات الغير اهلية التي تدافع ضد هذا التغول للشركات الكبيرة ، واللجوء ند الشراء من الشركات الصغيرة و المتوسطة حيث تشتري ما تحتاجه  فعلاً ، فلا تتكلف بشراء ما لا تحتاجه و يصبح عبء غير مستخدم تدفع ثمنعند  شرائه  وثمن للاحتفاظ به بل وحتى ثمن تخلصك منه رغم عدم استخدامك له بالشكل المرضي على الاقل .

الخلاصة ان الخوف بات مختلط بين ما هو حقيقي وما هو مفتعل فلم نعد نستطيع التميز ، فجائحة كورونا لم نعد نهتم إن كانت مفتعلة او حقيقية ، المعلومات صحيحية او ناقصة ، انما اصبحنا نستسهل الامور ونخاف من الخسارة  ولو كانت وهمية او غير محققة ..

لذا لنترك المستقبل للمستقبل ونحاول ان نحاظ على ماهو واقعي بين يدينا.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة