الرئيسية » إعفاء المواد الأولية دعماً لأمراء الحرب

إعفاء المواد الأولية دعماً لأمراء الحرب

بواسطة إقتصادي
أصدر رئيس النظام بشار الأسد قانوناَ رقم 30 لعام 2021 يقضي بإعفاء المواد الأولية المستوردة كمدخلات للصناعة المحلية من الرسوم الجمركية.
ونص القانون الذي نشرته وكالة “سانا” على إعفاء المواد الأولية المستوردة كمدخلات للصناعة المحلية والخاضعة لرسم جمركي 1 بالمئة واحد بالمئة من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعريفة الجمركية الصادرة بالمرسوم رقم 377 لعام 2014 كما تعفى من الضرائب والرسوم الأخرى كافة المفروضة على الاستيراد, وقد برر إعلام الرسمي للنظام إن صدور القانون يهدف إلى دعم الصناعة الوطنية وإعادة دوران عجلة الإنتاج الصناعي حسب تصريحهم .
و المرسوم ليس الأول من نوعه فقد سبقه مراسيم كثيرة بدأت من تغير التعرفة الجمركية بالمرسوم رقم 377 لعام 2014 ، وهو يعتبر الاساس للمراسيم التي تلته حول الاعفاءات الجمركية والذي منه يمكن فهم المرسوم الحالي ، حيث عمل المرسوم رقم ٣٧٧ على تعديل نسب الرسوم الجمركية المنصوص عليها في جدول التعريفة الجمركية المتناسقة الصادرة بالمرسوم /265/ تاريخ 9/5/2001 وتعديلاته، وقد اعتبرت تلك التعديلات التي أدخلت انجازاً بعمل الجمارك من خلال تخفيف شرائح التعريفة واختصارها إلى شرائح خمس 1% و 5% و10% 20% و 30% بدل شرائح الرسوم التي كانت تصل إلى 50% و80% وبعضها إلى 150% والتي كانت تشمل السيارات والألبسة إضافة إلى التبغ ومستحضرات التجميل من شامبو ومكياجات وكذلك الأحذية.
انعكاس تخفيض الرسوم الجمركية على الخزينة العامة للدولة
قالت مصادر مديرية الجمارك العامة حسب المصادر الرسمية بالخزينة العامة ان هذا التخفيض كان له انعكاس إيجابي ، حيث اعتبرته محفزاً قوياً للمستورد لتصريح عن القيم الحقيقية للمواد التي استوردها ويبتعد عن محاولات التهريب والتلاعب بقيم المواد المستوردة بعد أن أصبحت القيم الفعلية للمستوردات أكثر ملائمة للمستورد، فلم يعد بحاجة عندما يستوردها سلع رسومها 80% أن يحاول تصنيفها ضمن مواد لا يتجاوز رسم بندها الجمركي 20% حتى لا يضطر إلى دفع رسم عال أي مسالة التحصيل الرسوم الجمركية كانت قضية تصنيف وهو ما يلقي الضوء على كيفية التهرب من دفع الرسوم ، لكن على الارض الواقع بعد مرسوم تخفيض الرسوم الجمركية شجع امراء الحرب أن يستفادوا من المرسوم باحتكار استيراد سلع معينة مع السيطرة على التهريب من ذات السلعة، وهو بالتالي متى جاءت الجمارك يبرزوا الجزء النظامي من الاستيراد في حين المخازن مملوءة بالتهريب وهو ما جعل وزارة المالية تخسر لإيراداتها العالية التي كان يصرح التجار عليها حيث كان الاستيراد مسموح نوعا ما للجميع بسبب ضرائبه المرتفعة في حين امراء الحرب يسيطرون على طرق التهريب .
ولم يكتفي المشرع بهذا الحد وانما اوغل بمنح امتيازات للمستوردين الجدد من امراء الحرب بحجة تنشيط الاستيراد تلبية لاحتياجات السوق فاصدر المرسوم رقم 172 لعام 2017 القاضي بتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المحلية لجميع الشرائح ، ومن ثم وينص المرسوم رقم “10” لعام 2020 والذي يشبه الى حد التطابق مع المرسوم ٣٠ مما يمكن اعتبار المرسوم الاخير تجديد للمرسوم ١٠، ولم تخلوا مراسيم الاعفاءات على منح أجزاء من المستوردات حسب حاجة السوق لاعفاءات جزئية على سبيل المثال اعفاء المستوردات من الأبقار بقصد التربية من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم لمدة عامين واستيراد الملح الذي هو حكر للدولة و غيرها والتي تتم بشكل غير معلن بحيث ان تجار معيين يستفادوا من هذه الاعفاءات و بالتالي تحقيق ارباح كبيرة واحتكار السوق .
المرسوم 30 لعام 20201 للمستوردات
نص المرسوم اعفاء المستوردات من الرسم الجمركي 1% التي هي شريحة كما ذكر سابقاً ، والذي يعني ضمناً اعفاءات تعتبر كبيرة وليس 1% فقط كما يبدو من اسمها حيث تضاف اليها الرسوم الأخرى لكل المواد اللازمة للإنتاج الصناعي والتي تتراوح بين 7 الى 10% .
فهل سوف يحقق هذا المرسوم اهدافه من حيث دوران عجلة الانتاج و تعزيز قدرة المصانع السورية على المنافسة و تخفيض الاسعار السلع المنتجة محلياً؟
عند متابعة اثار المرسوم 10 لعام 2020 المطابق للمرسوم 30 لعام 2021 نجد أن الآثار غير مشجعة ، ويعود السبب أن غالبية المواد التي تشملها المرسوم هي خيوط مستوردة التي يسيطر الآن على هذه الصناعة أمير الحرب أل القاطرجي عبر شركة الاغا المحدودة المسؤولية ، كما يشمل القانون المرسوم صناعة السكر الخام و البذور الداخل بصناعة الزيوت والتي يسيطر عليها حالياً سامر الفوز عبر الاستحواذ على شركات “طريف الاخرس” ( فلوررينا) و”عصام انبوبا” عبر شركة بروتينا و رجل الاعمال “محمود فرزات” عبر شركة فرزات إضافة إلى شركة الأهلية حماة وقد قدرت ارباحهم ب 1000 مليار اي اكثر من 300 مليون دولار ، و رغم الاعفاءات المتكررة الا ان اسعار الزيوت النباتي استمرت بالارتفاع الى 13 الف ليرة (3 دولار) لليتر من 2900، رغم ان الاستيراد كان يتوقع ان يخفض الاسعار 60% اي يصل السعر الى 1200 ليرة لليتر، ولم يتحقق هدف الاعفاء ، أما السكر فالحكومة السورية قد رفعت اسعار السكر المدعوم ب 100% وهو ما انعكس على اسعار التجار إلى 800 ليرة بدل من 350 ليرة للكلغ والحر الى 2200 ليرة بالمؤسسة السورية للتجارة مع تحديد كميات ب 3-4 كغ شهريا وبالسوق السوداء وصل السعر بين 2500-3000 ليرة للكغ، ورغم أنه يمثل فرصة للربح حيث سعر الكغ لا يتجاوز 40 سنت عند سعر الدولار ٢٥١٢ وهو سعر الدولار الذي يموله البنك المركزي، وللعلم معدل استهلالك السنوي السوري حسب احصاءات من وزارة الزراعة السورية هي ٣٥كغ .
ورغم ان المرسوم جاء بلفظ عام لجميع من يحتاج استيراد المواد الاولية لصناعته يستطيع الحصول على الاعفاء إلا أن الصناعي يواجه كثير من العقبات حسب لوائح قانون المرسوم ١٠ لعام ٢٠٢٠ المشابه لقانون المرسوم ٣٠ منها :
١_ حسب المادة الثاني من لوائح التنفيذية لقانون المرسوم ١٠ ، ان يتقدم الصناعي الراغب باستيراد حاجة منشأته الصناعية من المواد الأولية، المشمولة بالإعفاء، بطلب إلى مديرية الصناعة المعنية، والتي تقوم بدورها بعد الكشف الحسي على المنشأة الصناعية؛ بتوجيه كتاب إلى مديرية الاقتصاد والتجارة الخارجية المعنية، يتضمن اسم المواد وكمياتها لمدة عام (فترة تطبيق المرسوم التشريعي)، وفق الطاقة الانتاجية ولمرة واحدة وعلى أن تكون المنشأة الصناعية قائمة وجاهزة للعمل والانتاج.
اي إن هناك وقت طويل يقضيه الصناعي لستحصال على الموافقات وأي عرقلة بإي مرحلة قد يوقف الموافقة منا يقوده إلى خسارة الوقت والمال في سعيه لتنفيذ الطلبات التي اهمها إن الاجازة الاستيراد لمرة واحد وهذا يحتاج الى مستودعات مع ظروف الحفظ من كهرباء وحراسة وتأمين وغيرها من شروط وهو هذه كلف ترفع من اسعار المنتج إضافة الى ان عليه التأكد بإن عرض منتجه سوف يقابل الطلب ولن يكون هناك استيراد لمنتجات من خارج سورية ، كمان ان الاستيراد لمرة واحدة يخسر بها المستورد عروض التخفيضات التي يمكن ان تتم خلال العام ، وخاصة ان الان اسعار السلع واسعار الشحن قد ارتفعت عالمياً بما يزيد عن ٢٠% ، والفرصة البديلة لتجميد الاموال بالمواد المستوردة
٢_ نصت المادة الثالثة من التعليمات التنفيذية لقانون المرسومرقم١٠، على أن تقوم مديرية الاقتصاد والتجارة الخارجية المعنية بمنح إجازات الاستيراد للمواد المبينة بالكتاب الصادر عن مديرية الصناعة المعنية، والتي رسمها الجمركي 1%، بما لا يتعارض مع آلية المنح المعتمدة لدى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وذلك وفق الدليل التطبيقي المعتمد لمنح الموافقات لإجازات وموافقات الاستيراد ، ويقصد منها لوائح الاستيراد المسموح بها أي أنه قد تمنع استيراد السكر الآن وتفتح الباب بعد عدة شهور ، كما يقصد منها تمويل المستوردات، حيث حصرهم المركزي بحساب المستورد بالقطع الأجنبي، في المصارف السورية أو في مصارف خارج سوريا او الحصول عليها من المصارف العاملة بسورية وهي قناة وهمية لان الأخيرة لا تملك دولار نتيجة مرسوم سابق من المركزي قيد التداول الدولار في السوق السورية وأن البنوك لا تسطيع بيع من الدولار مراكز القطع البنيوي ( دولار الذي حصلت عليه من تحويل اموال الخاصة للبنم لتحوط من تغير سعر صرف الدولار) ، اما القناة الاخيرة وهي شركات الصرافة التي تعاني من شح سيولة ومشاكل بالتحويل نتيجة قانون سيزر وضوابط البنك المركزي ( قانون رقم ٣) .
٣_ وجود تعميم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السوریة تمديد اعفاء مستوردات القطاع العام الإيرانية من الرسوم الجمركية والضرائب، لمدة ستة أشهر.
وبالتالي يفقد الصناعي اي ميزة تنافسية حيث هذه السلع ممكن استيرادها من ايران التي تملك ميزات استيراد من الصين و تركيا معفية من الضرائب ، مما يجعل المستوردين متخوفين من مخاطرة ان يتم تلاعب بالسوق من الحيتان( امراء الحرب ) المحسوبين على التيار الاقتصادي للنظام .
٤_ وجود العقوبات الدولية على البنك المركزي يزيد من كلفة سداد المستورات عبر قنوات اخرى ، كما ان حصول على القطع الاجنبي بالداخل مرتفع ويحقق استثمار هذا القطع دخل اعلى من استثماره بالسلع التي لا يزيد ارباحها وفق تسعيرة الرسمية عن ١٥ % باحسن احوالها ، في حين ارباح المضاربة او الاحتفاظ بالدولار أكبر بكثير عدى خسارة الفرص الضائعة للاموال عن استثمارها بشراء العقارات و المنتجات الزراعية وغيرها .
بالنهاية لو فعلاً النظام السوري جاد بالتنشيط الصناعة و تحريك عجلة الاقتصاد كان الغى جميع الرسوم الجمركية والضريبة بما فيها الرسم الاستهلاكي على الصناعة السورية ذات الشريحة ما دون ١٠% على الاقل سواء المنتجة محلياً او المستوردة ، وسمح بالاستيراد دون قيود من الوزارات الثلاثة و دون تحديد زمني للاستيراد خلال العام المرسوم …
لكن المرسوم يبدو فرصة للشرعنة الاموال امراء الحرب بإعطائهم مزيد من فرص الاستثمار والسلطة على حساب الطبقة التجارية الذي مارسوا ضغوط كبير والتي كانت الضابطة الجمركية احدها ، على الصناعيين لإجبارهم على بيع معاملهم مما نتج عن تهجيرهم الى مصر والاردن وتركيا ، وهو مما يعني ان مناطق النظام ستبقى مصدرة للاجئين والاضطرابات الاقتصادية وان هذه المراسيم هي لتحقيق مزيد من الارباح لأمراء الحرب وشرعنة سلطتهم .
موقع الحل نت

اترك تعليق

مقالات ذات صلة