الرئيسية » كيف أدخلت أميركا “حصان طروادة” لتدمر روسيا اقتصادياً!

كيف أدخلت أميركا “حصان طروادة” لتدمر روسيا اقتصادياً!

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

تحاول أميركا إدخال حصان طروادة في النظام الروسي، والذي سيعمل من خلاله على قضم الاقتصاد الروسي تدريجياً بتكرار التجربة السوفيتية، والتي تبدأ بفتح المجال أمام بنوك أوروبا بفروعها المتواجدة في روسيا للسيطرة على القطاع المالي والتجاري والمصرفي الروسي الذي سيمهد نحو اختراق شركات الطاقة والزراعة ، ذلك إن الترويج لقرار استبعاد بنوك روسيا من نظام “سويفت” المالي العالمي على أنه محاولة لحفظ ماء الوجه الأوروبي والأمريكي من عدم تقديم الدعم والحماية الكافيين لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي غير صحيح، ويحاول أن يصرف النظر عن الهدف الحقيقي .
يتضمن قرار الاستبعاد رسالة مخفية لشركات دول “الناتو” بأن مصالحها لن تتضرر وليس عليها رفع أسعارها منتجاتها داخل  اسواق دول الناتو بسبب الخوف من آثار العقوبات.
ففي حين تقف موسكو عقب قرارات العقوبات الاقتصادية، أمام خيارات أحلاها مر، فإما تقبل بالاختراق الاقتصادي لنظامها بالشكل الحالي وبالتالي يتم  ترويضها وتقييدها، أو تلجأ إلى الصين ودول اخرى بآسيا لتساعدها، والتي لن تفوّت الفرصة لاستغلال الظرف وتحصل على السلع والبضائع منها  بأسعار تفضيلية، الأمر الذي سيكون على حساب روسيا كونها المستهدفة بالعقوبات، إضافة إلى لأن حجم التبادل التجاري لروسيا مع دول الناتو ( أوروبا وأميركا وبريطانيا ) لا يمكن لأي دولة في العالم تعويضه، ما تزيد  نسبته على  ٥٠% من اقتصاد روسيا يعتمد على هذا التبادل، كما أن نمط العقوبات المفروض وحجم الجدّية الأوربية سوف يقلل من حجم المساعدة الصينية واندفاعها، وهو ما ظهر على الإعلام الصيني إذ أعربت بنوك صينية عن خشيتها من العقوبات ودعا سياسيون إلى تهدئة.

وكما هو الحال عند الخروج من نظام “سويفت” مكلفاً ومعرقلاً، فإن العودة إليه ليست بالإجراء السهل اليسير، بل يحتاج ذلك إلى قرار قضائي وتدخلات ودفع غرامات باهظة جداً، وهو ما يعني أن امام روسيا طريق طويل للخروج من أزماتها الاقتصادية.
إن تنفيذ القرار بعزل بنوك روسيّة سيسهل اختراق الاقتصاد الروسي من قبل القطاع المالي الأوربي على وجه التحديد، لأن موسكو ستعتمد أكثر على البنوك الأجنبية، وحتى المواطنين ورجال الأعمال سيضطرون للتعامل مع تلك البنوك، ما يزيد من أرباحها واستحواذها على البنوك الحكومية أي الاقتصاد ككل، في حين أنه ترك باب صغير لصالح الاستثمارات الأوروبية فيها، ويعبر هذا القرار بأحد أشكاله تحميل روسيا تكاليف الحرب التي وقعت على أوروبا.

فأوروبا تريد مهاجمة موسكو عبر العقوبات الاقتصادية ما يجعل الأخيرة ساحة مكشوفة للأوربيين، أي أن آلية تحريك الأموال الروسية ستكون مكشوفة مع استحواذ 64 بنك أجنبي متواجد في روسيا على العمليات التجارية، وبالتالي يكون من السهل على الرئيس الأمريكي جو بايدن تعقب أموال الطبقة الموالية لبوتين لفرض عقوبات اقتصادية عليهم.
أما فيما يخص الأنباء عن أن البنوك الروسية قد تتهرب من العقوبات عبر الصين، فلا يمكن التعويل على مثل هذه الخطوة غير العملية، خاصة مع قدرة واشنطن على تتبع قيم الأموال والتشديد عليها، فضلاً عن تكاليف التي تتكبدها روسيا مثل هذا الإجراء ما يجعله غير مجدي، دون أن ننسى خوف الجميع من العقوبات.
إن الخروج من نظام “سويفت” الذي يضم 11 ألف بنك و200 دولة، وتتعامل به معظم دول العالم وأكبر اقتصاداتها، يؤدي لخسارة حصص سوقية، ويخفض التصنيف الائتماني للبنوك الروسية وهو الأخطر على مستقبل الاقتصاد الروسي من جهة التمويل الدولي، فكل هذا يجعل الاستثمارات في روسيا غير موثوق بها، ويفقد الاقتصاد الروسي هذا الوهج كاقتصاد صاعد ، ويضعف القدرة التصديرية لروسيا، فالعقوبات ستجعل الكثيرين يعزفون عن الاستيراد منها، وبالتالي يحصل ركود في السلع، وضمنهم الغاز والنفط بسبب صعوبة التحويلات، ما قد يدفع الشركات الروسية لتخفيض أسعارها وتحمل جزء من أعباء المشترين جراء ارتفاع تكاليف التحويلات المالية والعمولات، إضافة لصعوبة تأمين قطع التبديل لصناعتها، حتى المواد الاستهلاكية الضرورية التي تستوردها روسيا تصبح صعبة التوفر.
ومن الآثار المتوقعة كذلك للعقوبات الأخيرة، انهيار عملة روسيا وخروجها من التداول لتكون بعدها مرحلة بيع احتياطي الذهب النقدي، والذي لن ترضى به سوى البنوك الأجنبية خوفا من العقوبات الغربية ، علما ان بيع الذهب النقدي أو حتى بيع الدولارات عن طريق البنوك الأجنبية لن يتم بأسعار السوق، بل بأسعار مخفضة بنسبة 30-40% ما يسرع نفاذ الاحتياطي لدى البنك المركزي الروسي ويسرع التضخم، في وقت لن يرغب فيه الناس بالاحتفاظ بالروبل والتعامل به، والدول المستوردة للغاز من روسيا ستضطر لسداد ثمنه عبر البنوك الأجنبية بروسيا.
لقد تحول اليوم المشهد الروسي ليشابه الحال قبيل استلام بوتين للحكم عام ١٩٩٤ ، يبدو أن بوتين تسرع كثيرا عندما لم يكتفي بأرباح التفاوض قبيل الحرب ، وتسرع عندما تجاوز حدود دونباس، ودفع روسيا لتسير في فضاءات خسارتها.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة