اقتصادي – خاص:
يستهلك الإنفاق على النقل في حياة الفرد حيزاً كبيراً يتراوح بين 30 – 40% من الدخل، فارتفاع الأسعار ليس المسؤول الوحيد عن زيادة حدة الإنفاق، فالمواصلات بمختلف أشكالها تندرج على قائمة القطاعات التي لا بد من اتخاذ إجراءات مناسبة لضبط الإنفاق عليها.
وتعني المواصلات بأبسط تعاريفها انتقال الأشخاص والسلع من مكان إلى آخر، وهذا يعني أن هناك نوعين من تكاليف المواصلات، أولها كلفة المواصلات التي تدفع على نقل السلع والخدمات المقدمة لك، وهنا يمكنك المناورة لتخفيض التكلفة بهذا الجانب، فبدلاً من شراء الخضار والفاكهة من البقال القريب من منزلك بسعر مرتفع، يمكنك الذهاب إلى السوق أو المزارع التي تبيع هذه المنتجات، لتحصل عليها بسعر أقل وبجودة أعلى، إلا أن الوقت المهدور في الذهاب إلى السوق قد لا يكون في صالحك.
وعلى الرغم من أن الجميع يعلم إن مشاركة مجموعة أفراد لشراء السلع من مصدرها، مثلاً (اللحوم من المزارع والخضار من سوق الهال)، يعتبر أوفر وصحي أكثر، لكن الصعوبة تكمن في تنسيق ومزامنة الاحتياجات بين عدة أشخاص، وايجاد وسيلة نقل مناسبة للذهاب وتوفير الوقت وخاصة أن بعض الأسواق تفتح في الصباح الباكر فقط، إن كل ذلك يمنع التفكير بهذا الحل ويجعل الشراء من البقالة والجزار خياراً أفضل.
أما شراء الملابس، هل تعلم كم يزيد ثمن قطعة الثياب الواحدة في المحل، عن سعرها من المعمل؟
يضع التجار أرباحاً كبيرة على الملابس، تتجاوز بأضعاف أجور النقل التي تكلفها عملية إيصال البضاعة من المعمل إلى المحل، فثمن القميص الواحد على سبيل المثال في المعمل يتراوح بين 1-4 دولار، وأجرة الطريق من المعمل إلى قلب المدينة حوالي 20 سنتاً، بينما تجد ذات القميص في المحل يباع بسعر بين 16- 20 دولاراً.
إن كبار التجار والأثرياء يعلمون تماماً هذه التفاصيل ويحرصون على الاستفادة من فرق الأسعار وتوفير المال.
إن مقاومة تكاليف الحياة المرتفعة لا يمكن أن تتم بشكل منفرد “أنت في مملكتك وأنا في مملكتي”، فهذه الطريقة في التعامل مع الغلاء، من الأخطاء القاتلة التي تجعل الحياة قاسية وليس فقط صعبة، لذا من المهم في مواجهة معركة الغلاء، أن تجد حلفاء موثوقين تكون لهم نفس التوجهات وطريقة التفكير، ما يؤمن الدعم النفسي للاستمرار بهذا التوجه.
وبالنسبة للنوع الثاني من تكاليف النقل، ألا وهو تكاليف الذهاب إلى العمل أو نزهة نهاية الأسبوع أو السفر بين المحافظات، وللأسف إلى جانب المحروقات هناك عوامل أخرى ترفع التكلفة، وهي الوقت والبحث عن محطة محروقات وسوء الطرق وإغلاقها والبحث عن طرق بديلة قصيرة، والانتظار على الحواجز الأمنية لعبورها.
تزداد الكلفة كلما قلّت المسافة!
في المسافات البعيدة يضطر صاحب العمل لتأمين مواصلات جماعية خوفاً من غياب عامل لسبب ما، يؤدي لتوقف العمل (كلفة الغياب كبيرة على صاحب العمل)، كما أن المسافة تجبر العمال على تنسيق عملية النقل فيما بينهم وتوقيتها، لكن المشكلة تكمن داخل المدن وفي المسافات القريبة، حيث يؤدي الاعتماد على المواصلات العامة إلى خسارة في عامل الوقت، فالهدف من تلك المواصلات هو تخديم أكبر عدد ممكن من الناس معاً، وبالتالي هناك انتظار كبير وتأخير في الوصول إلى المحطة المطلوبة، وتستهلك المواصلات العامة ما يقدر بنصف وقت العمل، أي أن مدة خروجك من المنزل بقصد الذهاب للعمل ستزيد بلا فائدة، وبالتالي تجد أن الأجر الذي تتقاضاه قليل مقارنة بالوقت الذي تستغرقه رحلة الذهاب والعودة من العمل، لأن الراتب يحتسب من لحظة خروجك من منزلك واختيارك الذهاب إلى هذه الوجهة.
إن إدراك الأمر بهذا الشكل سيغير طريقة تفكيرك بالعمل والراتب والتنقل، إذ أن البعد المكاني بين منزلك ومكان العمل يجب أن يكون بوصلة تحدد وسيلة النقل المناسبة لك، فأساس التوفير هو منطق الأحداث حسب نتائجها “مآلتها”.
نصائح لاختيار وسيلة المواصلات الأنسب:
– اعتمد على السير إذا كانت المسافة تحتاج إلى أقل من نصف ساعة فهي أسرع وأوفر.
– إذا كانت المسافة تحتاج أكثر من نصف ساعة الى ساعة، تعتبر الدراجة الهوائية خياراً جيداً في حال كان الطريق سالكاً وداخل المدينة.
– بالنسبة للسفر خارج المدينة، هناك خيارات تبدأ بإيجاد أشخاص لهم ذات الوجهة، والاتفاق معهم تقاسم تكاليف النقل سواء بالذهاب إلى العمل أو التسوق من خارج المحيط بحثاً عن التوفير أو استخدام سيارة أحدهم مع دفع ثمن المحروقات إضافة إلى علاوة تغطي تكاليف الصيانة المختلفة للسيارة وتكون بإضافة حد أعلى حتى ٢٥% من كلفة الطريق.
– إذا كان طريقك يتماشى مع خط سير المواصلات العامة، يمكنك الاعتماد عليها في تنقلاتك.
– إذا كان المشوار يحتاج إلى ركن السيارة بمكان مأجور، يفضل استخدام المواصلات العامة فهي ستكون أقل تكلفة بهذه الحالة وستوفر حوالي 25 % من نفقاتها، مع ما تتطلبه السيارة من إجراء صيانة دورية لها.
– اعتماد التسوّق وفق “قائمة” ومرة كل أسبوع أو كل اسبوعين، مع محاولة أن يكون التسوق جماعياً.
– الاعتماد بالسفر الطويل على شركاء للمشاركة بتكاليف السفر.
وفي النهاية رغم أن النقل يحتل الجزء الأكبر من الدخل، إلا أنه يمكن تحويله إلى عملية بناء تحالفات وعلاقات تمنحك طاقة إيجابية، أو أنها ستكون كابوساً يستنزف مواردك المادية وتكون السور الذي يعزلك عن الناس التي تحيط بك.