الرئيسية » دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة SMEs في اعادة اعمار في سورية

دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة SMEs في اعادة اعمار في سورية

بواسطة يونس الكريم

لايجب النظر لقضية  تعريف وتحديد  حجم المشروعات على انها صغيرة او متوسطة و حتى كبيرة ،  على انها قضية غير مهمة بسبب  التعقيدات و الصعوبات التحقيق، ولايجب النظر إلى تعدد وتباين تعريفات  المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مختلف  الدول الصناعية المتقدمة  أو الدول الناهضة الآسيوية أو النامية على أنه ظاهرة سلبية, لأن هذا التعدد والتنوع في التعاريف يعطي فرصة  في اختبار التعريف الأنسب  لظروفها واستراتيجياتها  وتوجهاتها المستقبلية وتطويعها ضمن منظمة القوانيين التي تطمح بالنهوض بواقعها الاقتصادي ، ويمكن تسهيل عملية تعريف  وتحديد المشروعات الصغيرة من خلال التعرف على الأسباب العملية والضرورية من وراء تعريف وتحديد هذه المشروعات  وتمييزها عن المشروعات  الكبيرة  وبالتالي فإن أهم أسباب هذا التعريف والتمييز هو تحديد المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تستهدف الدعم والرعاية  والمعاملة التفضيلية  الواجبة لها.

تعريف وتحديد المشروعات الصغيرة والمتوسطة:

إن تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو عملية أساسية  ومكملة للسياسة  الاستراتيجية  الخاصة باعادة اعمار سورية بحيث يتم أعدد السياسات التفضيلية والحوافز والتسهيلات والأفضليات  اللازمة لها.

وبالتالي فإن المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم :  هي المشروعات التي يضعها حجمها وفقاً  لظروف  الدولة الاقتصادية والاجتماعية وتوجهاتها المستقبلية في دائرة المشروعات المحتاجة  للدعم والرعاية، وتأتي حاجة المشروع الصغير أو المتوسط  إلى الدعم والرعاية  من عدم قدرته الفنية أو المالية لتوفير هذا الدعم من موارده الذاتية بسبب حجمه.

من المفيد تقديم عرض سريع ومختصر عن أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودورها في عملية التنمية لدى المجتمعات المتقدمة والنامية وصولاً الى سوريا :

لقد برز الأهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة إعادة بناء أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية ومن المعالم البارزة على هذا الأتمام الجهود التي بذلها مكتب العمل الدولي منذ حوالي 60 عاماَ لتطوير وتنمية هذا النوع من المؤسسات ينسب البلدان الخارجة من الحروب و التي تعاني أختلالات بنيوية بالإقتصاد ، وهذا ما يفسر أن هذا النوع من المنشات يتجاوز نسبتها أكثر من 90% في العالم العربي وفي سورية ترتفع هذه النسبة إلى 97% قبيل الثورة , وهو ما يشكل  الهيكل الأساسي للمنشآت الصناعية القائمة في سوريا .

لذا انطلاقاً من الدور الهام الذي تلعبه المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة  في إعادة هيكلة الإقتصاديات ومكافحة الفقر والبطالة،  مشيرين إلى أن تحقيق هذا الهدف يفرض التزامات جديدة تحمل في طياتها أعباء وتحديات كبيرة.

وليس من شك في أن بلوغ هذا الهدف للواقع السوري ما يتطلب صياغة سياسات جديدة تحدد الأولويات وفق متطلبات كل قطاع على حدا خاصة بمرحلة اعادة الاعمار لتشكيل الارضية لانطلاق الاعمار وصولاً الى التنمية المتوازنة والازدهار الاجتماعي.

الخصائص التي تتميز بها المشروعات الصغيرة والمتوسطة:

ان المشروعات الصغيرة و المتوسطة تشترك فيما بينها بخصائص عامة من الاهمية معرفتها وهي:

  • اعتماد معظمها على الخامات و المواد الأولية المحلية في تصنيع منتجاتها.
  • حجم الإنتاج المتواضع و محدودية الطاقات الإنتاجية.
  • محدودية رأس المال المستثمر.
  • محدودية مخاطر الاستثمار.
  • الاعتماد على الخبرات الموروثة والعائلية.
  • العمالة الكثيفة و التكنولوجيا البسيطة والشائعة غالباً.
  • استقلالية إدارتها.
  • صعوبة الحصول على قروض ميسرة واعتماد معظمها على التمويل الذاتي.
  • القدرة على التكيف في اتخاذ القرار.
  • المرونة في التحول بالإنتاج ومن متطلبات السوق.
  • نمطية الإنتاج وطرائقه.
  • الارتباط الوثيق بالسوق الداخلية وضعف الصادرات. الاعتماد على الذات في توفير الخدمات الداعمة والمتعلقة بالتدريب والتأهيل والمواصفة وضبط الجودة والتسويق والمعلوماتية عن التكنولوجيا والأسواق ……..

وهذه الخصائص حسب ماكانها بالخطة تظهر انها سلبية او ايجابية أضافة الى مقدار التكامل فيما بينها ، وبهذا الصدد لا يمكن النظر إلى دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة الا انها الحاضنة لجيل الشباب وخاصة ان كثيرا منهم قد امتهن العسكرة نتيجة توقف الحياة المدنية ، ولكي لا تسبب فشل هذا المشروعات التي تعتبر هشة مما يسبب ارتكاسة تدفع الى العودة نحو العسكرة باشكال مختلفة كالجريمة المنظمة التي تعتبر احدد مفرزات الحروب الطويلة ، لابد من دعمها بالاعداد و التخطيط الجيد و من ثم تدريب تلك المشروعات و تجاوز بها المخاطر الفشل ، ولعل أول قرار في هذا السياق هو الأختيار الصح والمناسب للزمان  والمكان والظروف الاجتماعية لتلك المشاريع وعدم الركون للمشاريع السهلة من مطاعم وخدمات فردية ، بل ان تكون المشروعات متكاملة و تدعم بعضها البعض من الانتاج للتسويق بحيث يشكل هذا التعاون بديلاً موازيا المشروعات الكبيرة لأنها الرئة التي سيتنفس من خلالها الاقتصاد السوري عند اعادة الاعمار  ويتجلى هذا الدور في النواحي التالية:

  • استيعاب قوة العمل المتدفقة إلى سوق العمل باستمرار والمساهمة في حل مشكلة العسكرة و البطالة.
  • إنتاجها لتشكيلة واسعة من السلع التي تلبي حاجات الطلب المحلي وتخفف الاعتماد على الاستيراد ونزيف العملة الاجنبية ويدعم الميزان التجاري.
  • مساهمتها في قسم كبير من الصادرات التحويلية السورية مما سيخلق قطع اجنبي و يتحسن سعر صرف العملة المحلية .
  • قدرتها من خلال التشغيل على خلق نوع من التساوي بين افراد المجتمع و تحسين فرص عمل المراة و تقوية السلام والعقد الاجتماعي السوري .
  • التدريب الأولي على عملية الاستثمار بمجازفة أقل ومن ثم التوسع تدريجيا للوصول إلى الإنتاج الكبير.
  • قدرتها على تعبئة المدخرات الصغيرة لذوي الدخل المحدود في الاستثمار المنتج بدلاً من توظيفها في مجالات خدمية هشة.
  • مساهمتها في تقليل الاعتماد على المساعدات الدولية والمنح و يعيد خلق ثقافة مجتمعية تقدس العمل و شورطه.
  • قدرتها على تشكيل نواة مغذية للصناعات الكبيرة وتكاملها مع هذه الأخيرة .
  • استثمار الميزة النسبية للاقتصاد السوري المتمثلة في الإنتاج الزراعي والموارد البشرية والموقع الجغرافي والتنوع السلعي.
  • خلق دخول للمواطنين مما يمكنهم من تحسين شروط حياتهم و تعيد تعريف الوطن ، مما يخفف الهجرة و النزوح بل تفتح للهجرة العكسية .
  • الحد من هدر الثروة البشرية وتسمع باعادة استثمارهم باعادة  اعمار سورية .

وفي ضوء الظروف الحالية و الظروف التي  ستوجد مع الحل السلمي لابد من التحضير و منذ الآن البنية المادية و القانونية ، وذلك من خلال مظلة  تعاون للمجتمع المدني فيما بينهم من جهة و بين المجتمع المدني و المؤسسات الحكومية من جهة اخرى،  لتلافي أستخدم أموال المانحين في تمويل مشاريع الصغير تعمل دون خطة متكاملة فيما بينها  كما الحال الان حيث الاحتياجات لازالت تتوسع دون وضع اسس لمواجهتها رغم مرور عديد من السنين ، لهذا يجب ان تنطلق من :

أولاً : في مجال التنظيم :

  • إحداث البنى المؤسستية التي يناط بها أمر الإشراف على المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورعايتها بحيث تنتقل من عمل المنظمات المجتمع المدني الى عمل وزاري منظم .
  • صياغة التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم الترخيص والدعم والتطوير والتشريعات المالية بما يتلاءم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
  • تحديد حزمة الحوافز والتسهيلات والإعفاءات (رسوم مالية، ضرائب، جمارك، توطين المشاريع، تأمين الخدمات الداعمة، البنى التحتية، مناطق صناعية).
  • تحديد التعريفات المناسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للتعرف على الشريحة المستحقة للدعم والتنظيم والحماية و لمعرفة الإجراءات المطلوبة لتأمين ذلك.
  • تبسيط الإجراءات واختصار الحلقات الإدارية لإقامة المشروعات عن طريق النافذة الواحدة اختصاراً للوقت والجهد والمصاريف غير المبررة أمام الراغبين في إقامة المشروعات.
  • تقوية التعاون والتكامل والتنسيق بين المشروعات الكبيرة وبين المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
  • صياغة السياسات المؤدية إلى تحسين بيئة الاستثمار والخروج من عباءة الاحتكار و الاستثمارات الكبيرة.
  • اعادة تفعيل المناطق الصناعية  وتحسين البنى التحتية.
  • تنشيط الصناعات الريفية بحث تتكامل مخرجاتها مع مدخلات الصناعات بالمدن الصناعية .

ثانياً: في مجال التمويل :

  • اعدة النظر بسياسات الصرف واعتماد على الدولرة الجزئية و دعم المشاريع ضدد التذبذب لأسعار الصرف .
  • تحسين كفاءة المصارف في تقديم الخدمات المصرفية وزيادة حجم التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل الإجراءات الإدارية للحصول على القروض.
  • زيادة فترة القروض المتوسطة والطويلة الأجل.
  • إحداث صناديق ومؤسسات مالية أهلية متخصصة في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة  وربطها بالمنج الخارجية بحيث يتم مراقبتها لمنع الهدر و الفساد.

ثالثاً : في مجال تنمية الموارد البشرية:

  • وضع البرامج التدريبية المبنية على الاحتياجات الفعلية المشروعات ومتابعتها.
  • ربط المناهج التعليمية بسوق العمل واحتياجات المشروعات .
  • مطالبة المنظمات الدولية والهيئات الرسمية بتقديم المعونة لمشروعات التدريب المهنية البشرية والتقنية.
  • وضع شروط وقواعد مزاولة المهن والحرف.
  • قيام غرف الصناعة ومركز تطوير الإدارة الإنتاجية بإعداد الكوادر الادخارية والمالية المؤهلة.
  • إدخال الوعي الريادي في البرامج التعليمية لتقوية روح المبادرة في إقامة المشروعات وإدارتها وإيلاءها اهتماماً خاصاً في برامج إعداد المدربين.

رابعاً: في مجال خدمات الدعم و الإرشاد و المعونة الفنية:

  • إنشاء وحدات متخصصة بالهيئات الحكومية أو لدى التنظيمات الصناعية والحرفية لتوفير الخدمات الاستشارية في إقامة وتشغيل المشروعات.
  • تنشيط دور الجامعات ومراكز البحث والتطوير وضبط الجودة والمواصفة والتحليل والاختبار والتشغيل والصيانة في تقديم خدماتها لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

خامساً: في مجال المعلوماتية:

  • إيجاد وحدات متخصصة لتزويد المعلومات الخاصة بالمشروعات على اختلافها كل حسب اختصاصه.
  • ايجاد تكامل معلومات بين المشروعات بحيث يعتمد عليه بالانتاج و التسويق
  • إصدار المنشورات اللازمة الخاصة بالإجراءات الإدارية والقانونية لإقامة المشروعات.
  • توفير قاعدة معلومات عن التكنولوجيات ومستلزمات المشروعات ومصادرها وتقديم المساعدة اللحصول عليها.

سادساً: في مجال التسويق والمنافسة الداخلية والخارجية:

  • تشجيع إقامة المشروعات التسويقية المتخصصة في تسويق إنتاج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
  • توفير البيانات الأساسية عن الأسواق والطلب على مختلف السلع.
  • تشجيع وتحفيز إقامة المعارض للتعريف بالإنتاج.
  • تسهيل إجراءات الشحن والنقل والتخليص للبضائع والمواد الخاصة بالمشروعات.
  • إقامة المشروعات معنية في تصدير المنتجات وترويجها.
  • المساعدة برفع جودة المنتجات.

و ليس من شك في إن مراعاة الأمور التي تقدم ذكرها عند صياغة التشريعات والقوانين والسياسات الهادفة إلى تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستعطي ثمارها في تقوية دور هذه المشروعات في النسيج الاقتصادي والاجتماعي السوري.

 

كيفية دعم الحكومة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة :

توجد في كل محافظة غرف تجارية وصناعية يمكنها أن تقوم بالدور القيادي في مساعدة المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم في تحقيق الأهداف وتقديم الخدمات المذكورة أعلاه.

ويمكنها من أجل ذلك أن ترتبط ارتباطاً رسمياً بمنظمات قائمة أو تؤسس  خصيصاً لمساعدة الصغيرة ومتوسطة الحجم، مثل: وزارة الاقتصاد والتجارة، وزارة الصناعة،  وزارة المالية, وزارة التخطيط…الخ ، أو حتى انشاء وزارة خاصة لأدارة لدعم هذه المشاريع و تنسيق بينها وبين المؤسسات الحكومية من جهة و مع المنظمات المجتمع المدني و المانحين و البنوك من جهة أخرى .

التوصيات:

من خلال ماسبق وفي ضوء اعاد الاعمار سورية والحاجة الى تكتلات كبيرة للقيام بهذه الاعمال من جهة ومن جهة الحاجة الى مشاريع صغيرة ومتوسطة تعمل على اعادة تنظيم سق العمل وتدريبه وما ستلاقيه من تحديات من قبل الشركات الكبيرة و من الموارد البشرية ،  فالأمر يتطلب إعادة النظر في كافة التشريعات المتعلقة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة لضمان قيامها واستمراريتها وتطويرها وربط منتجاتها بما يتوافق وخطط إعادة الاعمار ، ومن جهة أخرى خفض تكاليفها لتستطيع هذه المشروعات المنافسة و التوسع بأعمالها ولاسيما أنها تشكل الشريحة الأكبر من المؤسسات الصناعية القائمة.

لذا إيجاد جهة محددة متخصصة تتولى مسؤولية وضع برنامج متكامل لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة القائمة والجديدة هو امر حيوية لنجاحها، بحيث تكون هذه الجهة ممثلة لمختلف الوزارات المختصة والهيئات الاقتصادية العامة والخاصة والممثلة لجميع القطاعات الاقتصادية والداعمة وأيضاً الجهات الأكاديمية وذلك تحقيقاً لعملية النمو والتطور لهذه المنشآت مع التأكيد على ما يلي:

  • بناء البنى التحتية للمشاريع حسب اولوياتها لانطلاق هذه المشاريع وبدء عملها.
  • إيجاد نظام خاص للإقراض بما يحقق مصلحة الجهة المانحة للقرض وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
  • تأسيس مراكز دعم للصناعات الصغيرة والمتوسطة مناط بها المهام التالية:                                                               أ- تقديم الخدمات الاستشارية للمشاريع القائمة والجديدة، وتعريفها بالفرص التجارية والتسويقية.                                 ب-توفير المعلومات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي وحركة السوق وتغيراته ووضعية المنافسين ومصادر الحصول على المواد الأولية والمعدات والتكنولوجيا ومعلومات عن الموارد البشرية.
  • إعداد دراسات ميدانية حول المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والقيام بايجاد الحلول لهذه المنشآت.
  • توفير البرامج التدريبية والتأهيلية المطلوبة والتي تتناسب مع متطلبات هذه المشروعات من التخصصات الفنية والادارية.

أن هذه المشاريع ستكون اللبنة الاولى لنطلاق اعادة الاعمار و الوقوف بوجه عودة العسكرة و الفساد .

 

اترك تعليق

مقالات ذات صلة