الرئيسية » زيت الزيتون والأيدولوجية الإيرانية بسورية

زيت الزيتون والأيدولوجية الإيرانية بسورية

بواسطة يونس الكريم

تتواصل اجتماعات بين الوفود الإيرانية وممثلين عن الحكومة السورية ومنها وزارة التجارة الداخلية السورية، حيث كانت احدى مخرجاته بتاريخ  نوفمبر عام 2020 الذي أفضى إلى الاتفاق على مقايضة العدس وزيت الزيتون السوريين، بزيت عباد الشمس الإيراني، ورغم ذلك سجلت أسعار الزيت النباتي في مناطق الحكومة السورية ارتفاعًا لافتًا، إذ سجل سعر الليتر الواحد حوالي 13 ألف ليرة سورية (ثلاثة دولارات) في أسواق دمشق بعد عدة اشهر من دخول الاتفاق حيذ التنفيذ وذلك بأذار ٢٠٢١، ويمنع استيراد مادة الزيت بشكل محلي في سوريا، مع قلة عدد المعامل المصنّعة لهذه المادة، بحسب ما قاله نائب رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة السورية، فايز قسومة، لصحيفة “الوطن” المحلية، مشيرًا إلى وجود خمسة معامل فقط تنتج الزيت النباتي حاليًا في سوريا ، هذا وقد صرحت “المؤسسة السورية للتجارة” بوجود صعوبات كبيرة في تأمين مادة زيت دوار الشمس عبر البطاقة الذكية بسبب عدم تعاون الموردين لتأمين هذه المادة، وارتفاع الأسعار.

بضوء هذه الغلاء فانه تثار الكثير من الأسئلة عن جدوى الاتفاق بين الحكومة الايرانية و بين وزارة التجارة الداخلية السورية ، منها :

كم حجم أنتاجنا المحلي من الزيت الزيتون ليتم تصديره الى ايران ؟

يعاني الزيت الزيتون السوري من مشاكل تقنية كثيرة منها خروج مساحات كبيرة من الاشجار من الانتاج بسبب الحرب كالمعضمية وجرود القلمون ،وخروجها عن سيطرة الحكومة السورية كإدلب و ريف حلب الشمالي اضافة الى ما هو تقني بسبب تدمير المهارات البشرية بسبب الاعتقالات وهروب المنتجين الى خارج البلاد وحتى تهجيرهم ، فقد أقصي الزيت الزيتون السورية من قائمة الزيوت المعدة للاستهلاك البشري عالميًا مطلع تموز 2020، بسبب غياب الفريق المختص بالمواصفات عن الاجتماع الدولي الخاص بلجنة الدهون والزيوت الخاصة بدستور الغذاء (CODEX) في ماليزيا، مما يدل على ازمة حقيقة بالإنتاج وتمثيل الإنتاج ، هذا كله قاد الى أنخفاض كمية الإنتاج من الزيت الزيتون المنتجة حيث كان إنتاج سورية من زيت الزيتون يتراوح بين 150-175 الف طن يستهلك بالسوق المحلية ما يقارب 75% ، ليصل عام 2020 حسب تصريحات شبه رسمية من المهندس محمد حابو مدير مكتب الزيتون بوزارة الزراعة الى 16 الف طن، في حين حاجة السوق المحلية فقط الى 100 الف طن ، وهذه الأرقام تتقاطع مع ما قالته مديرة الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية السورية “ماجدة مفلح”، بحسبما نقلته صحيفة “الوطن” والتي أشارت إن حجم المصدر من الزيت الزيتون عام 2019 فقط 8619 طن ، وبضوء هذه الأرقام نجد تفسير أرتفاع سعر تنكة الزيت الزيتون التي تقارب 18 كغ الى 100-120 الف ليرة وهنا لابد من الاشارة أن سعر تنكة زيت الزيتون بقي بسوري محافظ على سعره بين 50-60 دولار وهو من بين الأرخص عالميا ولكن الذي فرق هو السوق الداخلية بسبب أنخفاض القدرة الشرائية حيث كان راتب الموظف يستطيع دفع 17% منه لشراء تنكة ، بينما الان فانه يطّر الى دفع راتب شهره كله للحصول على تنكة زيت الزيتون التي تقدر وزنها ب 16كغ وحتى انها لا تكفي سوي الى ثلثين منها.

لكن كيف يتم الاتفاق مع الوفد الإيراني والحكومة السورية لديها اتفاق مسبق مع روسيا لتصدير الحمضيات وزيت الزيتون لها ؟

يعود الأمر أن المنتجات السورية تعاني من منافسة شديدة من الدول الأوربية وتركيا ومصر والمغرب، إضافة إلى مشاكل بالشحن التي تتم على عدة مراحل مما يغير بمواصفاتها وخاصة مع أغلاق طريق التركية وصعوبة بطريق البر مع الاردن الى الخليج، دون ان ننسى عامل بالغ الخطورة وهو امتناع المستوردين الروس من دفع مستحقاتهم الى السوريين بحجة انهم يقومون بحماية الحكومة السورية من المعارضة كل هذا جعل المصدر السوري يعزف عن ارسال الشحنات المتفق عليها الى روسيا ، ويعتمد المصدر السوري على لبنان لتصديره الى أطوربا عبر شركات وسيطة لكن تغير الامر مع تفجير ميناء بيروت ، والنظام مجبر على تصدير المنتج الى ايران نتيجة الاتفاق السابق الذي وقع بين عماد خميس واسحاق جانغهيزي عام 2017 ليعاد تأكيدها عبر الغرفة التجارة الايرانية السورية عام 2019 ثم التأكيد عليها مع زيارة ظريف الى دمشق ب مايو 2020 .

ما يعني ان كميات الزيت الزيتون لا تستحق التصدير وبالمقابل لا يوجد زيت عباد الشمس يستورد من أيران بسبب عدم تنفيذ الأتفاقية من جهة وعدم توفر القطع الاجنبي لشراء زيت عباد الشمس من الأسواق العالمية او الايرانية حتى ، وهذا ما انعكس من غلائه رغم توقيع العقد مع الجانب الايراني .

لكن يبقى سؤال ، لماذا الاهتمام الايراني بزيت الزيتون السوري ؟

يدرك النظام أن سبب اهتمام الأيرانيين بالزيت الزيتون السوري ليس لجودته كما يدعي، فقد أتقصر الاتفاق على 5 الف طن ، وأنما السبب أن زيت الزيتون يزرع بأماكن استراتيجية للايران  بسورية سواء بحلبأو ريف دمشق أو الساحل السوري والتي تتميز بعدم وجود ملكيات كبيرة أي أن المنطقة هشة اقتصاديا ، وهذا يدعم سياسة أيران التي تهدف إلى تكوين طبقة موالية لها من الفقراء و صغار التجار ، كما أن مناطق زراعة الزيتون تعتبر من المناطق ذا الحاضنة الشعبية للنظام ونواتها الصلبة مما يمكن ايران من تغلغل بها و لا ننسى إن زراعة الزيتون تتميز بحلقات كثير من الاعمال المرتبطة بها . لذا تتوقع الحكومة الإيرانية ان بوسعها زيادة الكمية المصدرة لها بضوء ضعف بالقدرة الشرائية المحلية و عدم القدرة على تصدير الزيت الزيتون الى دول اخرى، بل حتى لتوسع بصناعات الصغيرة التي أساسها زيت الزيتون ، وتعتبر هذه الصناعات من الصناعات تقليدية بسورية مما يجعل تواجد ايران أيديولوجي وبالتالي تزاد صعوبة اخراج ايران من سورية باي حل سياسي ممكن .

كما ان الاتفاق لا يمثل أي أهمية له على الموازنة الحكومة السورية أو تأمين قطع اجنبي وحتى المقايضة كوسيلة لتهرب من العقوبات ، فلا عقوبات على الصناعة الغذائية بسورية ، اي ان الاتفاق هو لصالح ايران العازمة على انشاء حاضنة لها بسورية أسوة بالعراق وايران و اليمن والتي اثبتت جدوى ذلك ، وترى ايران ان هذه الحاضنة تنبى من الاعمال التي تمس الطبقة الفقيرة بالبداية.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة