الرئيسية » كيف تدمر مؤسسة ناجحة؟

كيف تدمر مؤسسة ناجحة؟

بواسطة Nour sy

اقتصادي:

يقول أحد مدراء الجودة:

اتصل بي رئيس مجلس إدارة الشركة، وقال تعال إلى مكتبي بسرعة، لدينا مشكلة في مصنع الإطارات (دواليب)، وهذا المصنع ينتج الإطارات منذ سنوات وبشكل جيد وجودة عالية، ولكن فجأة ومنذ ستة أشهر بدأ المصنع في إنتاج إطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات من الاستخدام، ولا أحد يعرف السبب، لذلك أريدك أن تذهب إلى المصنع فوراً وتكتشف لي ما هو السبب.

وصلت المصنع وباشرت في التحقيق فوراً، وكان أول ما لفت نظري هو مدخل المصنع، حيث تم وضع صور لأفضل الموظفين والإداريين المتميزين والذين عملوا بجد ونشاط خلال ذلك الشهر.
بدأت البحث مباشرةً من الإدارة حتى أصغر موظف في المصنع، لكن لا أحد منهم يعلم أسباب هبوط جودة الإطارات المفاجئ.
قررت المبيت في المصنع حتى أتوصل الى أساس المشكلة، وفي الصباح تابعت خط إنتاج الإطارات من بدايته، وقمت بمتابعة عملية تصنيع الإطارات حتى نهايتها وصولاً إلى خروجها من المصنع.
وكانت المفاجأة بأن كل شيء طبيعي وصحيح ويتم وفق معايير الجودة للمصنع – إذاً لماذا ينفجر الإطار بعد بضعة كيلومترات من الاستخدام؟!
قررتَ الاجتماع بجميع المهندسين والإداريين والموظفين في المصنع، وأحضرت معي خطة الإنتاج وقمت بتحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة تلك الإطارات حتى نصل إلى حل للمشكلة.
علماً بأن تحليل المواد الخام المستخدمة في الإطارات أثبت بأنها ممتازة جداً ومطابقة للمواصفات الدولية لصناعة الإطارات، ولا يوجد أي سبب مقنع لانفجار الإطارات.

أصبحت في حيرة من أمري وأصبت بالإحباط وقررت أن أتجول مرةً ثانية في المصنع للبحث عن أفكار يمكن أن تساعدني في حل الموضوع، وهنا لفت نظري مرةً ثانية اللوحة التي تحتوي على صور وأسماء الموظفين والإداريين المتميزين الموضوعة عند مدخل المصنع، ولاحظت أن أحد المهندسين على رأس قائمة الموظفين المتميزين، استمر بتصدر تلك القائمة لمدة 6 أشهر متواصلة، وذلك تحديداً منذ بدأت مشكلة انفجار الإطارات.
عندها بدأت باللاشعور الربط بين المشكلة وبين تصدر المهندس للوحة الموظفين المتميزين طول تلك المدة، لذا قمت بطلب هذا المهندس لمقابلته في مكتبي والتحدث معه عن إنجازاته، والتي كانت سبباً في تفوقه لمدة ٦ أشهر متوالية.
قال المهندس: سبب تميزي في الشركة هو أنني استطعت توفير ملايين الدولارات للمصنع والشركة.
فقلت له: وكيف استطعت أن تحقق ذلك؟
قال: بكل بساطة قمت بتقليل عدد الأسلاك المعدنية في الإطارات، وهكذا استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً وتقليل تكلفة صناعة الإطارات وزيادة الربحية.

هنا عرفت سبب مشكلة انفجار الإطارات بدون سبب.

الحكمة:
عندما تُدار المؤسسات على عقلية – الإدارة المتميزة بناء على تقليل التكلفة (Cost Cutting) والنظر الى الأرقام فقط وتجاهل الكفاءة في الخدمة أو المنتج – فإن المؤسسة ممكن أن تنجح على المدى القصير (والقصير جداً)، لكن النهاية لن تكون بعيداً حتماً.

فعندما تكون الأرقام أهم من الإنسان، والمسميات الوظيفية أهم من كفاءة الموظفين، وتكون رؤية ورسالة وقيم المؤسسة هي شعارات فقط ومواضيع إنشائية، فإنها تستطيع أن تحصل على جسد الموظف ولكن بدون عقل وقلب.
ليس بالضرورة أن يكون الانسان فاسداً أو سارقاً ليؤذي ويدمر من حوله، فقط يكفي أن يكون غبياً في قراراته.
لتدمر مؤسسة، يكفي أن تضع الأغبياء في المواقع المهمة والأساسية وتقوم بتكريمهم.
وخلاصة ماسبق، أنه مهما كانت الأرقام مهمة، إلا أنه يبقى الإنسان هو الأهم لأنه الذي يصنعها وبدونه لا قيمة لها.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة