الرئيسية » الصين تدخل على خط الاستثمار النفطي في سوريا وترسل خبراء ومعدات للتنقيب

الصين تدخل على خط الاستثمار النفطي في سوريا وترسل خبراء ومعدات للتنقيب

بواسطة يونس الكريم

على الرغم من التمنّع الطويل للصين، من الدخول بالقضية السورية بشكل مباشر حتى عن طريق الاستثمار الاقتصادي، وذلك على اعتبار أن البيئة الاستثمارية في سورية ليست جاهزة، إضافة إلى أن بكين غير راغبة بدخول بالمنافسة مع حلفائها الإيرانيين والروس أو ترك باب يدخل منه الاوربيين وعقوباتهم إليها.

لكن تلك المقاربة الصينية حول الملف السوري، تغيّرت منذ أشهر، إذ بدأت بتمويل جيش حكومة  الاسد في جبل الزاوية  ببعض الاسلحة النوعية كمناظير الليلية ثم ما لبث أن تطور ذلك عبر الدخول على خط الاستثمار من بوابة استخراج النفط السوري.

وقال مهندس ” نحتفظ على ذكر اسمه لاسباب امنية ” في وزارة النفط السورية لمنصة “اقتصادي”، إنه مع بداية الأسبوع الثالث من شهر شباط/فبراير 2023، وصل إلى مطار دمشق الدولي 8 خبراء ومهندسين صينيين مختصين بخفر آبار النفط والغاز تابعين لشركة “هيلونغ أويل” للخدمات والهندسة الصينية، قادمين من مكتبهم بالعراق.

وأضاف المهندس، أنه جرى نقلهم إلى حقلي “قمقم” و”أبو رباح” في ريف حمص وسط سوريا، موضحاً أنه تم تكليف المهندس موريس حنون، من “الإدارة المركزية” في الشركة السورية للنفط، لمرافقة الخبراء والمهندسين الصينيين، والإشراف على تنقلاتهم وتحركاتهم.

وأوضح أن الخبراء الصينيين جاؤوا بعد حصول الشركة الصينية على عقود استثمارية في سوريا، في بداية العام 2023، مبيناً أنه بموجب العقد، ستقوم الشركة بالتنقيب عن النفط وحفر 12 بئر غازي ونفطي في منطقة حقل “أبو رباح” و”قمقم”.

وبحسب المهندس، فإن الشركة استقدمت معدات في شهر آذار/مارس من الصين، للبدء بعملية الحفر، مشيراً إلى أن خبراء من شركة “جيو جيد” الصينية، ستتقدم خبراء خلال الفترة القادمة استكشاف وتطوير وإنتاج الرقعة الاستكشافية في حقلي “أبو رباح” و”قمقم”، بعد حصولها على عقود مماثلة من وزارة النفط لتوسيع رقعة الاستكشافات النفطية والغازية.

ولفت إلى أن منافع الاستثمارات الصينية في تلك الحقول، ستكون من صالح الشركة الحاصلة على العقود فقط، وليس للشركة السورية للنفط.

ويوضح مدير منصة “اقتصادي”، يونس الكريم، أن تاريخ الاستثمار الصيني بحقول النفط السورية قديم، حيث حصلت على عقود استثمار حقلي “تشرين” و”عودة” في ريف الحسكة الشمالي  في ٢٠٠٨ ( وقبلها في حيان ٢٠٠٤)، بعد عملية غش من قبل الشركات الكندية بمساعدة من القصر الجمهوري عبر رامي مخلوف ، وذلك بتقديم بيانات كاذبة حول القدرة الإنتاجية للحقلين، حيث اكتشفت الشركة الصينية الوطنية CNPC  أنه تم التلاعب بالقدرة الإنتاجية عبر ضغط الماء.

ويقول الكريم أن الشركة الصينية الوطنيةCNPC  أبدت انزعاجها حينها من عملية الغش، لكنها لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك، نتيجة قيام حكومة الاسد بالسماح للشركة الصينية الوطنية CNPC  بالتنقيب عن النفط عند الحدود مع العراق، ما آثار حفيظة وانزعاج الجانب العراقي.

وبعد بدء الحرب في سوريا، تم السيطرة على حقل “عودة” من قبل الأمن العسكري التابع للنظام وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي كانت وقتها فقط مليشيات عسكرية تسمى صراحةPKK بحسب العقود الموقعة بينهم  لحماية الابار النفطية مقابل مبالغ مالية يتم استلامها من البنك التجاري السوري فرع القامشلي ، حيث حصل مدارء الشركة السورية للنفط على اوامر بتسهيل عمل هذه المليشيا .

لكن الذي حدث مع حقل عودة وحقول الرميلان عموماً ان هذه مليشيا وبالتنسيق مع الامن العسكري السوري الى سرقة الحقول النفطية ومستودعاتها و بيع  المعدات والعدد  التي فيهما إلى إقليم “كردستان العراق”، وإلى تجار محليين تابعين للقصر الجمهوري الذين يعملون بالخدمات اللوجستية، نظراً لرخص ثمنها، مقارنة بسعرها الحقيقي.

وكذلك الحال، بالنسبة لحقل “تشرين”، تم نهبه من قبل حركة “أحرار الشام” الإسلامية وعشائر البدو التي تقيم في محيطه، موضحاً أن قيمة الخسائر في الحقلين (عودة وتشرين) نتيجة عمليات النهب إلى 170 مليون دولار، بحسب الكريم.

ويشير الكريم إلى أن الشركة رفضت عقد اتفاقات مع عشائر البدو من أجل حماية الحقلين، لأن حكومة السورية  هي المسؤول عن حمايتها بموجب العقود الموقّعة معه في استثمارها، وبالتالي، فإن تلك الخسائر ستدفعها هي ، أي أنها بمثابة قروض آجلة يجب عليه دفعها، وهذا ما يفسر أن الشركة السورية للنفط لن تستفيد من الاستثمار الجديد في حقول ريف حمص.

ويلفت الكريم أن “أحرار الشام” وكذلك عشائر المحلية، عمدت إلى اتلاف كثير محتويات حقل “تشرين”، بعد اكتشاف أن نوعية النفط المستخرجة منه لا ينفع معها تكريره يدوياً ، وعدم معرفتهم بطبيعة المعدات هناك .

ويقول الكريم، إن الصين بعد تلك التجربة الاستثمارية الفاشلة مع النظام، احجمت عن الدخول في استثمارات في سوريا، لكنها اليوم، دخلت إليه بسبب انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، إضافة رغبة موسكو وإيران باغلاق  الملف السوري الشائك والمعقد الذي سبب لهما الانهاك، فضلاً عن رغبة بكين في إبراز نفسها كقوة ناعمة في الملفات المعقدة في الشرق الأوسط.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة