الرئيسية » خسائر مالية كبيرة.. كيف تتحايل الشركات الداعمة لإسرائيل على المقاطعة؟

خسائر مالية كبيرة.. كيف تتحايل الشركات الداعمة لإسرائيل على المقاطعة؟

بواسطة يونس الكريم

تتزايد الخسائر المالية يوما بعد يوم لعدد من الشركات العالمية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، نتيجة قرارات المقاطعة الشرائية لمنتجاتها دعما لقطاع غزة.

فمنذ بدء إسرائيل عدوانها الممنهج على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أدى لاستشهاد أكثر من 13 ألف فلسطيني، حرص كثير من المستهلكين على تمييز الشركات الداعمة لإسرائيل من عدمه.

هذه الظاهرة التي بدأت تتعاظم شيئا فشيئا في أغلب دول العالم، شكلت حالة مقلقة لتلك الشركات التي تكبدت خسائر بملايين الدولارات يوميا بسبب الامتناع عن شراء منتجاتها والبحث عن البدائل الوطنية أولا ثم التي لا تدعم إسرائيل ثانيا أو حتى القادمة من إسرائيل.

وأمام ذلك، لجأت بعض المحلات التجارية إلى اتباع حيل تجارية لتصريف منتجات بعض تلك الشركات الداعمة لإسرائيل.

فقد عمد “سوبر ماركت” في فرنسا يتبع لشركة Lidl لوضع علامات خاطئة على المنتجات مصنفا إياها على أنها مغربية أو من دول أميركا اللاتينية للتخفيف من تأثير المقاطعة ضد المنتجات الإسرائيلية.

وشارك العديد من الأشخاص مقطع فيديو لأحد العملاء يحذر الآخرين ويشدد على ضرورة الانتباه إلى الملصقات أثناء التسوق.

وتعمل شركة Lidl، وهي سلسلة متاجر التجزئة الألمانية الدولية ذات الأسعار المخفضة، في العديد من المواقع حول العالم، ولا سيما في أوروبا والولايات المتحدة.

ودفع هذا الأمر مجموعة شوارتز (Schwarz) المالكة لمتاجر “ليدل” (Lidl)، إلى نشر بيان أكدت فيه أن الحادثة وقعت عن طريق الخطأ.

المقاطعة تنمو

وتجتاح حملة المقاطعة ضد الشركات والمنتجات الغربية التي تدعم إسرائيل العالم. وانطلقت مواقع التواصل الاجتماعي، مكتسبة زخما في ظل “الإبادة الجماعية” و”التطهير العرقي” الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة.

والهدف الرئيس من المقاطعة هو تشجيع الشركات العالمية على سحب دعمها لدولة الاحتلال والانسحاب من المشاركة المباشرة وغير المباشرة في العدوان على غزة والأراضي الفلسطينية.

وشملت المقاطعة كثيرا من المنتجات والماركات ومنها على سبيل المثال لا الحصر كوكاكولا وماكدونالدز وستاربكس ودومينوز وبيتزا، إلى جانب بوما الألمانية وسلسلة متاجر كارفور الفرنسية.

وهذه العلامات التجارية الأميركية والأوروبية التي تعرضت للمقاطعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، دفعت المستهلكين إلى البدائل المحلية.

ووجدت شركة ماكدونالدز للأطعمة نفسها عالقة في مرمى النيران بعد أن قال صاحب الامتياز الإسرائيلي إنه يقدم آلاف الوجبات المجانية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأمام تراجع الزبائن في مطاعم ماكدونالدز نشرت الأخيرة بيانا قالت فيه إن قرار تقديم الوجبات للجيش الإسرائيلي كان إجراء “من شركائنا التجاريين المحليين”، مبينة أنه تم إجراؤها بشكل مستقل دون موافقة الشركة.

وشاركت شركة ماكدونالدز بيانا بتاريخ 3 نوفمبر 2023 على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من مشغليها في الشرق الأوسط – بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين والكويت – مؤكدة أنها “لا تمول أو تدعم أي حكومات في هذا الصراع”.

لكن مع ذلك، اعترف موظفو ماكدونالدز أنهم لم يعانوا من فترات الذروة المعتادة في وقت الغداء والمساء، ويشتبهون في أن دعوات المقاطعة هي السبب.

وضمن السياق، أصدرت شركات الامتياز التي تدير فروع ماكدونالدز في تركيا ومصر والأردن ولبنان وفي جميع أنحاء الخليج بيانات تنأى بنفسها عن تصرفات نظيراتها الإسرائيلية، بينما تبرع بعضها بالأموال لغزة.

وفي 10 أكتوبر 2023، نشرت الصفحة الرسمية لفرع “برجر كينغ” الإسرائيلي على فيسبوك، صورا لوجبات مجانية يجري توزيعها على جنود الاحتلال الإسرائيلي.

وجاء في منشور بالعبرية: “خرجنا لنقوي الأمة. تعمل فرقنا جاهدة من أجل مواصلة تقديم آلاف الوجبات لأبطالنا. برجر كينغ يوجه تعازيه لأسر الضحايا”.

باختصار، نجحت المقاطعة ضد الشركات الأميركية في رفع مستوى الوعي حول سلوك إسرائيل العدواني تجاه الفلسطينيين.

وفي مصر على سبيل المثال أصبحت شركة المشروبات الغازية المصرية سبيرو سباتيس، التي لم تكن تحظى بشعبية كبيرة من قبل، بديلة لبيبسي وكوكا كولا، بعد دعوات لمقاطعة كليهما لدعمهما إسرائيل.

ونشرت الشركة التي تأسست عام 1920 بيانا على صفحتها على فيسبوك ذكرت فيه أنها تلقت أكثر من 15 ألف سيرة ذاتية عندما أعلنت أنها ستعين موظفين إضافيين من أجل توسيع أنشطتها نظرا لارتفاع الطلب على منتجاتها.

وفي حين أن الآثار المباشرة لمقاطعة تلك الشركات قد تؤدي إلى انخفاض المبيعات، فإن العواقب طويلة المدى قد تؤدي إلى تشويه سمعتها أيضا.

 أين التأثير الأكبر؟

ولهذا فإن كثيرا من التساؤلات بدأت تطرح حول إذا ما كانت هذه الشركات العالمية ستواجه قرارات المقاطعة الشعبية لها، أم أنها ستعلن وقوفها على الحياد لاحقا في حال تعاظم خسائرها المالية.

وضمن هذه الجزئية رأى الباحث الاقتصادي يونس الكريم، أن “الشركات العالمية الكبيرة يقظة ولا تريد أن تدخل في صدام مع الشارع حتى لا تدفع الحكومات إلى إغلاق فروعها”.

وقال الكريم : “كما أن الوكلاء والعاملين هم بيئة الدول التي يتواجدون فيها، فعلى سبيل المثال الموظفون بفرنسا لا يعنيهم الصراع والبعض القليل ينحاز لهذا الطرف أو ذاك على عكس فرع ماكدونالدز في مصر على سبيل المثال الذي اتخذ خيار المقاطعة”.

وراح يقول: “كما أن التحولات في طبيعة النظام الاقتصادي بالعالم خلال السنوات الأخيرة، جعلت الاقتصاد رهينة لهذه الشركات”.

ولهذا هناك صعوبة بأن تقاطع شركة ما لأن ذلك ببساطة يتسبب بفقدان سلع وخدمات كثيرة لا يمكن تعويضها بسهولة نظرا لوجود اتفاق بين الشركات الكبيرة.

ورأى الكريم أن “مقاطعة الشركات العالمية لم تؤثر نتائجها إلى الآن عليها، لأن ثقل المقاطعة هي في دول الخليج لكون معظم دول الشرق الأوسط بشكل عام تعاني من صعوبات مالية وحتى تركيا وبالتالي الحجم الضاغط على الشركات ضعيف في دول ليس لديها قدرة شرائية أصلا”.

وذهب للقول: “لذلك فإن تزايد المقاطعة في الدول الأوروبية الذي يتصاعد هو ذو التأثير الأكبر، لكنه يأخذ نوع المقاطعة الصامتة والتي لا يُصرّح عنها شعبيا خوفا من اتهامهم بمعاداة السامية، ولكن هي بالأساس احتجاج صامت على استمرار الإبادة الجماعية بحق المدنيين في غزة”.

وألمح  الكريم، إلى أن “العدوان الإسرائيلي إذا لم يتوقف على غزة فإن الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة ودول أخرى ستلجأ في الأيام القادمة إلى المقاطعة الفعلية”.

وهذا في النهاية يشكل إحراجا للدول العربية كونها لم تكن قائدة لعملية المقاطعة عالميا وهنا ستثار الشكوك حول العلاقة السياسية مع إسرائيل.

وأردف قائلا: “مما يعني أن المعركة ستكون عنيفة ضد الشركات العالمية التي لا تزال تؤيد استمرار المذبحة بحق الفلسطينيين دون أخذ موقف على الأقل محايد وإنساني”.

لعبة العروض

ويرى بعض المراقبين أن الضربات الاقتصادية الفادحة التي تلقتها بعض الشركات العالمية المنتشرة في أغلب دول العالم، دفعتها لتوثيق علاقاتها مع الحكومات للتخفيف من وطأة المقاطعة لمنتجاتها.

وهذا ما أشار إليه متابعون من لجوء رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، للترويج لوجبات مجانية من مطعم ماكدونالدز، ودعوته الناس لزيارة المطعم خلال فعاليات موسم الرياض.

وقال آل الشيخ في مقطع فيديو بتاريخ 17 نوفمبر 2023: “إن ماكدونالدز شريك إستراتيجي لموسم الرياض” 2023 بنسخته الرابعة في العاصمة السعودية، مقدما عرض “اشتروا وجبة والثانية هدية”.

وبحسب صحيفة “تليغراف” البريطانية، فقد لجأت الشركات العالمية خلال فترة تراجع مبيعاتها للتفكير بكيفية جذب المواطنين لشراء منتجاتهم مرة أخرى، من خلال تقديم عروض تنافسية فيما بينها.

ووصلت العروض إلى تخفيضات لأول مرة تقدم للجمهور، ومن أبرز تلك المنتجات مصانع إريال وبرسيل وباقي المنتجات المتخصصة في مجالات متعددة، وفق ما قالت الصحيفة في تقرير لها بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

ويشير الخبير الاقتصادي ورئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا”، أسامة القاضي، في مقابلة تلفزيونية مع “تي ري تي عربي” في 9 نوفمبر 2023 إلى أن “الأبحاث العلمية فيما يخص المقاطعة أنها لا تستمر أكثر من أسابيع، وأثرها قد لا يكون كبيرا على الشركات”.

وأضاف القاضي قائلا: “هناك شركات عالمية على سبيل المثال يتم فتح فروع لها في دول العالم من المواطنين المحليين لا تخص بالضرورة الشركة الأم إلا بنسبة 5 إلى 9 بالمئة من الرسوم التي يدفعها مالكها”.

ولفت إلى أنه “في السعودية هناك 242 مطعما لعلامة ماكدونالدز يعمل فيها نحو 7 آلاف موظف محلي، ولهذا فإن المقاطعة لن تؤثر على الشركة الأساسية بقدر ما ستؤثر على المالك الحقيقي والعاملين”.

المقالة منشورة على موقع صحيفة الاستقلال

اترك تعليق

مقالات ذات صلة