الرئيسية » كيف تمكنت أسماء الأسد من التحكم في القرار الاقتصادي لسوريا؟

كيف تمكنت أسماء الأسد من التحكم في القرار الاقتصادي لسوريا؟

بواسطة Nour sy

اقتصادي:

كثرت التساؤلات خلال السنوات الأخيرة، ومع ظهور أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري، إلى واجهة العديد من الملفات الاقتصادية والإنسانية، حول السبب الذي منحها هذه الميزة دوناً عن باقي أفراد العائلة الحاكمة، من الذي استطاع منحها هذه القوة لكي تقف بوجه أفراد من عائلة الأسد معروفون بقوتهم وسطرتهم؟
ومما لا شك فيه، أن حجر الأساس في حصول أسماء الأسد على هذه المكانة يرتكز على موافقة وارتياح من بشار الأسد لوجودها، على اعتبارها لا تشكل لديه أي شعور بالتهديد لحكمه وسلطته.
لم يكن حصول أسماء الأسد على هذه الصلاحيات محض صدفة أو نابع من اعتبارها السيدة الأولى فقط، إنما جاء نتيجة امتلاكها لخلفية اقتصادية مميزة، برزت من خلال عدة مواقف في تعاملها مع إدارة الملفات والصدام مع الغرب، فهي الأكثر قدرة على فهم آلية التفكير الغربي باحترافية واضحة، فضلاً عن أن إبداء الكثير من الصحف الغربية إعجابها بوجود أسماء الأسد كواجهة نسائية في التعامل مع العالم الخارجي منح أسماء ميزة خاصة.
ويعود صعود أسماء إلى الساحة الاقتصادية بسوريا، بعد صدام بشار الأسد مع رامي مخلوف في آلية التعاطي مع حلفاء الحكومة السورية من الروس والإيرانيين، فتصدرت المشهد في تحطيم الأخير عبر تأليب موظفيه وتابعيه داخل مؤسسات الحكم، آخرها كان ضمن المكتب السري الذي يسيطر عليه، حيث كان لابد لبشار الأسد من أن يجد أحد يستلم زمام القيادة خلفاً لرامي.
وعلى التوازي، يشعر بشار الأسد بنوع من الطمأنينة تجاه زوجته كونها جزء من عائلة بشار الأسد، فهي تتحمل جزء من نتائج أعماله، وكونها امرأة فلا يمكنها أن تجري اتفاقات سرية كبديل عن بشار الأسد بالحكم حيث الدستور يمنعها من ذلك، وهو ما يراه بشار أقل خطراً على كرسي الحكم حتى من أخيه ماهر أو رامي مخلوف.
تقوم سياسة أسماء الاخرس على الاهتمام كأولوية بالملفات تخص التعامل الدولي، حيث يتم هذا التعامل عن طريق المؤسسات التي أوجدتها، بينما تركت مؤقتاً إدارة العمليات داخل سوريا لسلطة الخلفاء الجدد من الموظفين والتابعين لرامي مخلوف بمؤسسات الدولة وعائلة الأسد وحزب البعث إضافة إلى أمراء الحرب، حيث نلاحظ أن فلسفتها تقوم على ترك هؤلاء يتنافسون فيما بينهم ضمن جغرافية محددة وملفات محددة تمنع خروجهم عن السيطرة أو العمل خارج النطاقات التي تحددها، بحيث تقرب القوي إلى محيطها لتشكل بالنهاية الطبقة الاقتصادية.
حتى الآن، يرتكز عمل المكتب الاقتصادي، في خلق وتنظيم صراع القوى على المكتب الأمني الذي يضم رؤساء الأجهزة الأمنية، إضافة إلى المكتب السري، الذي ينسق في عمله مع الغرفة الاقتصادية رغم أنه يعمل تحت غطاء أمن الدولة، وتوجيه الطبقة التجارية والصناعية، لتنفيذ خططها بعيداً عن روتين مؤسسات الدولة وعملية الإقرار، خاصة تلك التي تصطدم بالقوانين، سواء القوانين المتعلقة بطبيعة المؤسسات أو قوانين لا تستطيع مؤسسات الدولة إقرارها نتيجة البيروقراطية الشديدة.
حيث يقوم كل من المكتب الأمني والمكتب السري بتأمين تمويل وسيولة لمؤسسات للدولة وأجهزة القصر للمحافظة على الحكم، دون أن يضطر بشار الأسد لتأمين تلك الأموال من أملاك القصر والعمليات الروتينية التي كان يحصل فيها على أمواله، مثل عملية بيع النفط التي تعتبر متوقفة وللقصر حصة منها، والفوسفات الذي استولى عليه حلفائه، وبالتالي يتجه لتحميل الشعب هذا الجزء، او ان يقدم تنازلات من سيطرته.
كل ذلك يؤثر بشكل سلبي على الشعب الذي يضطر إلى التعامل مع مجرمين على أنهم طبقة اقتصادية، كما يضطر الشعب لتحمل فترة استقرار هذه الطبقة الوليدة، ومعرفة آلية التعامل مع النظام الجديد الذي تسعى أسماء إلى كتابته بالعرف السوري بدل النظام الذي كان قبل عام 2011.
وعلى النقيض، تنظر فئة من التجار إلى المكتب الأمني و المكتب السري كنوع من الحماية من أي مخاطر قد تحصل نتيجة وجود أمراء حرب ومليشياتهم، حيث تعد العلاقات الجيدة بين التجار وهذه المكاتب على انها إشارة ان المكتب الاقتصادي في صف أولئك التجار، ما يؤمن لهم حماية وقدرة على المناورة والتخلص من صدام مع أمراء الحرب الذين سيطروا على جزء من المدن، وحتى الحصول على الترفيق بشكل مثالي، فلا ترفيق دون موافقة من المكتب الأمني او السري، الأمر الذي يظهر مقدار التناغم بين مؤسسات النظام وآلية عملها.
وللعلم، فإن المكتب الاقتصادي ليس وليد الحرب، وموجود منذ الثمانينات، وبدأ يتبلور ويتشكل بعد أحداث حماه، حين تم استشعار أهمية القطاع التجاري والصناعي في دعم النظام وتأمين حاضنة شعبية له، وبالتالي فهو موجود سابقاً بتسميات مختلفة قبل استلام آل الأسد، لكنه بدأ يتبلور كمكتب يخدم القصر وأجندته وأجهزته منذ الثمانينات.
وسبق لـ”اقتصادي” أن نشر مقالاً تفصيلياً عن تركيبة المكتب الاقتصادي في القصر الجمهوري.لكن يبقى السؤال حول إدارة أسماء الأسد للملفات الخارجية أو حتى الداخلية، هل استطاعت أن تنجح بعملها سواء بتفكيك منظومة رامي مخلوف أو تحقيق استقرار بمنهجية عمل اقتصاد الظل الذي يكمل عمل اقتصاد مؤسسات الدولة السورية دون أن يطغى أحدهم على الآخر لاستقرار الحكم؟

اترك تعليق

مقالات ذات صلة