الرئيسية » هل انسحبت أميركا حقاً من أفغانستان؟

هل انسحبت أميركا حقاً من أفغانستان؟

بواسطة يونس الكريم

اقتصادي – خاص:

ليس المهم بقاء القواعد الأمريكية أو انسحابها ، طالما تمتلك السيطرة على الأرض !
ليس المهم بقاء القواعد الأمريكية أو انسحابها ، طالما لم تعد حماية أفغانستان مشكلة القواعد الأمريكية والتحالف ، وإنما هي مشكلة دول الجوار التي تعتبر بحالة عداء مع أمريكا اقتصادياً أو سياسياً ؟
إن إغراق تلك المنطقة بمحاولة للملمة الفوضى التي خلفتها أمريكا لسنوات قد تجعل تلك الدولة بحالة انشغال عسكري واقتصادي لعشرات السنين !.
ليس المهم بقاء القواعد الأمريكية أو انسحابها ، وقد تركت الأسلحة ليقتلوا بها بعضهم بعضاً في محاولة لإخضاع الآخر لسيطرتهم وهو جزء منهم ، إنها أفغانستان الممزقه؟
فلم تظهر إلا بعض من الحرائق التي خلفها انسحاب القوات الأمريكية من ضحايا قيم الحرية الأمريكية ، من تقيد حقوق المرأة إلى الصراعات الداخلية أثناء تشكيل الحكومة ؟
فأمريكا لم توصد باب العودة إلى أفغانستان، فتركت أربع قواعد لها هناك يمكن استنتاجها من تصريحات مسؤوليها على لسان وسائل إعلامها وهي :

القاعدة الأولى مكافحة الإرهاب :

فهي الحجة الجاهزة لتشكيل أي تحالف دولي تقوده ضد أي دولة، فما بالك بأفغانستان التي شكلت حكومتها من 17 شخصا مدرجاً في القائمة السوداء من بينهم وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الداخلية و5 وزراء كانوا نزلاء سجن غونتانامو سيء الصيت للإرهابيين حسب تعريف العالم الغربي. واستخدمت واشنطن تلك الحجة للقيام بغارة جوية عبر طائرات بدون طيار في منطقة كابول في 28 أغسطس بالتوقيت المحلي حسب وكالات انباء عالمية، حيث أطلقت الطائرة صاروخ “هيلفاير” وفجرت سيارة ، معلنة عن مقتل “هدفين مهمين” في تنظيم الدولة الإسلامية من “المخططين” و”العملاء” وإصابة ثالث ، كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن توعد منفذي الهجوم بأن الولايات المتحدة “ستلاحقهم وتجعلهم يدفعون الثمن” أي ان الامر لم ينتهي بعد وأن أفغانستان مستباحة كما عهدها العالم .

القاعدة الثانية المال والاقتصاد :

بدأت مع أخذ ما يمكن أخذه من النخب الأفغانية التي يمكن أن تنهض باقتصاد البلاد وإعادة إعماره ، ولم تلتفت لهم الحكومة الجديدة المشغولة بالسيطرة على أفغانستان ومد سيطرتها عليها ، مما يعني إضعاف قوة بناء الدولة الأفغانية في المستقبل وانها ستحتاج إلى عقود من قوة خارجية لمساعدتها في النهوض، حيث ستكون أمريكا هي الأوفر حظاً مع اطماع الجيران وخوفهم من أفغانستان، كما أن الأخبار تتكلم عن نية الولايات المتحدة تنمية المزيد من القوات الموالية لأمريكا والحفاظ على قوتها للتدخل المستقبلي في الوضع في أفغانستان، وهنا تسقط مقولة “إجلاء” لاعتبارات إنسانية لمساعدتهم في الحصول على حياة جديدة، فماذا عن البقية من خدمهم وبقية الأفغان أليس من حقهم الانساني العيش، وكيف تم اختيارهم للصعود على الطائراتهم ؟، لم يكن ذلك له علاقة بالولاء لامريكا بقدر ما هو إعادة هندسة إعمار أفغانستان وفق تطلعاتها ، فلم يبدي أي بنك دولي او منظمة الرغبة بالتدخل لمساعدة افغانستان واطلاق إعادة إعمارها ومساعدتها لتجاوز محنتها المالية، فأزمة السيولة المالية أهم تحد يواجه الحكومة الجديدة في أفغانستان وخاصة الرواتب وسعر الصرف ، فقد نشرت وسائل اعلام دولية تصريحات لمسؤول امريكي قال ” إنه ما إذا كان بإمكان أفغانستان الحصول على التمويل الدولي والمساعدة اللازمة لدعم اقتصادها الضعيف ، فإن ذلك هو في يد الولايات المتحدة” وهو ما يتماشى مع ما قاله جيري رايس المتحدث باسم الصندوق إن اتصال “النقد الدولي” مع أفغانستان مازال معلقا، وهو ما يعني تعليق أي تمويل من الصندوق، وأضاف أن التركيز في الوقت الحالي يجب أن ينصب على مساعدة الشعب الأفغاني من خلال السماح بتدفق التحويلات النقدية وتقديم مساعدات للدول التي تستضيف اللاجئين الأفغان.

القاعدة الثالثة الصراعات الداخلية :

على مدى 20 عام من بقاء أميركا في أفغانستان سعت لزرع
الكراهية بين مختلف القبائل المحلية، مما أدى إلى انقسام الفصائل داخل البلاد.
ولم تكتف بذلك بل تركت لهم اسلحة لتشعل تلك الكراهية حروبًا داخلية ، فقد بدأ مع تويزع تلك الاسلحة على القبائل التي لجأت الى دول الجوار اثناء سيطرة طالبان على الحكم ، لتقطع الطريق امام اي دولة جوار للتحكم بتلك القبائل أو حتى لمساعدة أفغانستان بحوار مشترك من جهة، ومنعاً من حصول تلك القبائل على اسلحة متطورة من تلك الدول، فالقبائل تتكلم من منطق القوة بأسلحة امريكية مرصودة عبر الف قمر صناعي والف عميل لها ، مما يقود إلى كشف قدرات المنطقة التي ستحاول كل دولة منها تأمين حدودها من فوضى أفغانستان بمد مواليها بالأسلحة .

القاعدة الرابعة الفشل الجغرافي :

تعتبر أفغانستان نفسها في “قلب آسيا”، وعلى الرغم من وجود العديد من المنظمات المتعددة الأطراف مثل رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC)، ومنظمة شنغهاي للتعاون (SCO) إلا أن هذه المنظمات ليس لديها تاريخ من المشاركة الفعَّالة في القضايا الأمنية، ويُعوقها عدم الثقة بين أعضائها من الدول، كما أنها تضم مناطق ودول تفتقد التواصل فيما بينها. وفي الواقع فإن الدول الأعضاء فيها قلقة بشأن امتداد الصراع من أفغانستان إليها، خاصةَ ما يتعلق بانتشار الاتجار بالمخدرات، والإرهاب، ومشاكل اللاجئين، وهو ما يعني تدخل الجميع بشكل منفرد بأفق ضيقة .

قاعدة التدخل السريع : العقوبات :

وهي جامعة للقواعد الاربعة السابقة ،وعامل أمان ضد أي تغير بقواعد اللعبة بمنطقة جغرافية هشة تعاني من اضطرابات يسهل اشعالها من أي حدود مع دول معاقبة اغلبها ، كما أن العزلة أو الانخراط الدولي لافغانستان بيد الأمريكيين، وهو عامل سوف يثير حفيظة أفغانستان ويجعلها كالثور بالحلبة يصطدم بجدران الحدود لعله باب الخروج .
وينطبق على أفغانستان قول لخبير عندما سمع بخبر انسحاب القواعد الامريكية من سوريا ، فقال” مجرد انسحابهم سوف نأكل بعضنا البعض “! فكيف الحال بافغانستان؟ ، فهل ستفهم دول الجوار ذلك وتحاول تأمين حدودها بدولة أفغانية مستقرة وإشغالها بالنهوض الاقتصادي بدل الصراعات الداخليه ؟وهل ستسمح بذلك امريكا ؟
إن ما حدث ليس سوى إعادة انتشار للقوات الأمريكية ، بناء على قواعد اقتصادية نظامها ما بعد الرأسمالية المعولمة ، بل هو سلاح امريكا لاشغال تلك الجغرافيا ببعضهم ، ففي المناطق الاثنية ، يكون صدام المذاهب والأديان اكثر فتكاً واقل كلفة على اي قوى خارجية.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة