الرئيسية » هل نجح الأسد بإلغاء قانون قيصر ؟

هل نجح الأسد بإلغاء قانون قيصر ؟

بواسطة يونس الكريم
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الأربعاء المصادف ل ٢٤/١١/٢٠٢١، إجراء تعديل في عقوبات قانون “قيصر” المفروضة على النظام السوري، ويقضي الإعلان بالسماح للمنظمات غير الحكومية بالتعامل مع شخصيات ومؤسسات في النظام، ومنحها مجالاً أوسع في أنشطتها الاستثمارية الغير ربحية.
إعلان وزارة الخزانة الأميركية قاد للانقسام حول أهدافه، ففي حين اعتبره خبراء يأتي استكمالا للخطوات التي بدأت لتعويم الأسد منذ وصول  جو بايدن إلى الرئاسة الأمريكية من حيث عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تدفع نظام الأسد إلى المضي قدما بالحل السياسي ، بل كل ما تم تصديره بحسب الخبراء يُقرأ بسياق خطوات نحو إلغاء لقانون قيصر مستندين إلى أن القانون قابل للتغير باتجاه إلغاءه بسبب تغيرات دولية كما هو الحال مع تغير بتخفيف قيود التعامل مع حكومة نظام الأسد لمجابهة وباء فيروس كورونا الذي تم ١٧ حزيران وتعامل مع شركتين معاقبتين سابقا بذات القانون.
ومن ثم تصريحات ملك الاردن بشهر تموز ليأتي اللقاء الوزاري حول خط الغاز العربي والكهرباء مؤكداً هذا الأتجاه وحتى زيارة وزير الخارجية الإماراتي “عبد الله بن زايد” كانت بسياق عودة الأسد إلى المجتمع الدولي ليس أكثر من وقت، وهذا الأمر تؤكده تصريحات بعض من وزراء الخارجية العرب حول ضرورة عودة نظام الأسد للجامعة العربية دون نجاح النظام باستغلال ضبابية المواقف الأمريكية بإجراء تحالفات دولية ضاغطة من خلال اللقاءات التي تمت على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة ، بل أن حضور وفد النظام في إسطنبول خلال اجتماعات الدورة 89 للجمعية العمومية لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) التي نجح بالعودة اليها بوقت سابق من شهر أكتوبر/تشرين الاول هو بداية التعويم الدولي، كونه تم بتركيا الدولة تحتضن مؤسسات المعارضة للنظام وتدعمها دولياً.
كل هذه الحجج تستخدم من قبل المحللين والصحفيين المهتمين بالشأن السوري سواء العرب أو الأجانب منهم ، وعلى الضفة الأخرى يشير خبراء آخرين إلى أن هذه الحجج إنما هي محاولات استخدمها النظام بطريقة التضخيم الإعلامي كالبالون لأي برنامج انتخابي ببلدان العالم النامي عندما يمني انصاره بجنة الرغد وهو يهبط بهم من عمق لآخر بالهوة التي هم بها غارقون.
فمحاولات الأردن لم يكن المستهدف منها سوريا وإنما لبنان لإنقاذه وهو أمر متوقف على موافقة صندوق النقد الدولي لتمويل مشاريع الغاز والكهرباء ، ويبدو أن لبنان لا رغبة له ولا يستطيع الايفاء بشروط الصندوق وهو يناور ريثما يأتي الدعم من إيران التي تنتظر مفاوضات ملفها النووي.
الإمارات وزيارتها لم تسفر عن أي وعود اقتصادية إلّا محطة كهرضوئية تشكل ٣.٣٣% من حاجة سورية من الكهرباء إن استطاعوا تنفيذها تقنياً، وبطبيعة الحال لا يعتبر الاستثمار بقطاع الكهرباء الكهرضوئي انتهاك لقانون قيصر طالما لا يستخدم الغاز أو النفط حسب نص القانون.
فلا زال المواطن السوري بمناطق النظام يعيش بجغرافية التقنين التي تتمدد، ويركض من طابور إلى أخر ولازال شح المواد يستمر، ولازال النظام يعافر حول حصوله على كرسي الجامعة العربية متلاعباً على الخلافات العربية_العربية،كما أن الإمريكيين قد حسموا الجدال حول موقفهم أكثر من مرة أن سيف العقوبات سوف يصيب كل من يخرقها، وأن نص قانون قيصر هو قانون طوارئ وطني لا علاقة للخارجية بإدارته وهو يمس الأمن القومي الأمريكي، وإن مقاربة “خطوة بخطوة ” مع الروس ليس أكثر من مقاربة إعلامية لتفسير ما يحدث من مفهوم الصحفيين والمحللين وأثبت فشل هذه المقاربة في تفسير نص قانون  قيصر وخطواته، فقانون قيصر يهدف إلى حرمان رئيس نظام السوري بشار الأسد من أي فرصة لتحويل النصر العسكري الذي حققه على الأرض إلى رأسمال سياسي لتكريس وتعزيز فرص بقائه في السلطة الى أجل غير مسمى، وبالتالي يهدف القانون إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية للأسد ومحاصرته ومعاقبة حلفائه بغية إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254، وأسلوبه أن تشمل العقوبات كل الجهات الدولية والإقليمية التي تتعاون مع الأسد، مما يحرمه من فرصة تجاوز هذه العقوبات عبر الالتفاف عليها،
وأنها ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي من قبل أي من الأطراف والجهات الإقليمية والدولية في حال فكرت في الاستثمار أو العمل في سوريا.
وكما يشير صراحة لعودة الأسد إلى المجتمع الدولي سياسياً وأن إقرار انتصاره العسكري على المعارضة تم الاعتراف به منذ صدور القانون وليس أمر حديث بعهد ولاية جون بايدن، بل أن هناك تسريبات استخبارتية حول عدد اللقاءات التي تمت بين الاستخبارات الأمريكية_ الأسدية والتي تجاوزت ٥٢ رحلة إلى مطار دمشق عام ٢٠١٩ سنة إطلاق قانون قيصر، والقانون يستهدف الأسد والحلقة الداعمة له وليس المواطنين السوريين.
قانون قيصر لم يكن له تأثير مباشر على السوريين كمواطنين، فالاوضاع كانت قبل ٢٠١٠ متردية ومع كل توظيف من قبل النظام لإمكانات الدولة السورية للقضاء على الثورة السورية فضلاً عن التصارع داخل جسم النظام وترتيب البيئة الاقتصادية و إرضاء حلفائه لاستمرار دعمهم هو السبب المباشر لما وصلت له حياة المواطنين والآن كورونا وتبعاتها.
قانون قيصر منذ إصداره راعى الجانب الانساني، فقد حوى كلا من القسم ٧٤٢٢ الى القسم ٧٤٢٦ على تنظيم العمل الانساني ، ونتيجة انتشار وباء  كورونا الذي غير قواعد تعامل الدول كون الوباء دولي عام.
كان للنظام السوري حصة من تغير سلوك قانون قيصر بالجانب الإنساني الذي أخذه بالحسبان ، فأعطت الخزانة الأميركية الضوء الأخضر لممارسة “الأنشطة المتعلقة بالتصدير أو إعادة التصدير أو البيع أو الاستيراد، بشكل مباشر أو غير مباشر إلى سوريا، والخدمات التي تتعلق بالوقاية أو التشخيص أو علاج الفيروس”.
وهذا الإعفاء لم يمس جوهر قانون قيصر بما يخص ( داخل سوريا ) من عزل النظام دوليا ومنع أي مصادر قوة اقتصادية ( قطاع البنوك _ إعادة الاعمار_ النفط والغاز _ الطيران ) ولا السياسي بالتعامل معه، وجاء القرار الجديد حول إعفاء المنظمات الانسانية بهذا السياق والذي يمكن قرائته :
١- هو تكملة لتنظيم قانون قيصر بما يخص المادة من ٧٥٢٢ الى ٧٥٢٦ ، كما يعتبر تكملة للإعفاء الذي صدر في حزيران ٢٠٢١ بما يخص كورونا.
٢- هو حل للمساعدات الاممية التي باتت تجري أعمالها بالالتفاف على قانون قيصر والوقوع ضحية لأمراء الحرب والنظام عبر طرف ثالث والذي يستفيد منها كما حدث بقضية الحوالات المالية.
و يعطي للمنظمات الدولية مرونة بالحركة فتتجاوز وجود كوادر لها أو طرف ثالث بالدول المجاورة وحتى داخل سورية بما يخص مكاتبها ومستودعاتها والخدمات اللوجستية التي لا علاقة لها بقوائم العقوبات بما فيها قانون قيصر.
٣-تجاوز العقبات أمام دعم الإدارة الذاتية التي هي الأخرى تعتبر من سوريا وتخضع لقانون قيصر وتحتاج إلى دعم إنساني طالما تتضمن مواطنين سوريين ومهجرين حسب القسم 7413 منه وتشكل خط هجوم الأول على داعش ، وذات الأمر يخص المناطق غرب الفرات، خاصة بما يخص شراء المنتجات النفطية المكررة التي لا يملك النظام منها شيء أو على الأقل هو يصدرها للسوق السوداء عبر أمراء الحرب.
٤- المزيد من الرقابة على المساعدات الانسانية التي شابها الفساد من قبل كل الأطراف والذي انعكس على حالة المواطنين عبر الجغرافية السورية ، وهو ما قاد إلى العزوف عن تقديم المنح حيث بدأت تتوجه لها انتقادات بأنها أحد أسباب إستمرار الصراع.
٥- حصر روسيا وممانعتها باستمرار التجديد للمعابر الانسانية ومراقبة هذه المعابر، حيث أنها ستشكل ورقة ضغط من خلال المراقبة عليها.
٦- تجاوز سلاسل التوريد التي باتت أزمة عالمية تؤرق الدول الكبيرة وليس فقط المساعدات، كما تعتبر طريقة لتوفير فرص عمل للمواطنين لتحرير الاقتصاد من قبضة النظام وذلك بخلق فرصة اقتصاد موازي.
سيحاول نظام الأسد الاستفادة من هذا الاستثناء، كون أمراء الحرب هم من يملكون السوق الآن سواء بالمنتجات السلعية أو النفطية أو وسائل النقل وعلى سبيل المثال يعتبر آل قاطرجي الرقم الأول بها فهو يملك 1200 صهريج و 3000 شاحنة لنقل السلع والمنتجات، لكن قانون قيصر ليس هدفه المواطنين وإنما نظام الاسد لإجباره على تنفيذ القرار 2254 ، وإن أي خرق سوف يكون قيصر لهم بالمرصاد وأن المعارضة والمجتمع المدني باتوا جزءا ً من قانون قيصر والعمل على مساعدة هذا القانون بتتبع خروقاته التي تعتبر جزء من القانون حسب القسم 7424 منه ، وإلا ستكون المعارضة هدف للقانون وهيكلتها ، هذه المعارضة التي لم تنجح ببناء تحالفات حقيقة لها أو حتى مؤسسات يعتمد عليها وهو سبب هذا الاستثناء كحل لتردي الوضع الانساني بمناطقها ومناطق النظام التي باتت الأنتهاكات الانسانية تتماثل بل إن هناك لقاءات بين النظام والمعارضة أمنية واقتصادية.
المقالة منشورة على موقع الحل باسم “كيف ستؤدي إعفاءات “قيصر” الجديدة إلى تحسين الوضع المعيشي للسوريين؟”.

اترك تعليق

مقالات ذات صلة