الرئيسية » من بلد “عبور” إلى بؤرة إنتاج” … خفايا تجارة “الكبتاغون” في سوريا

من بلد “عبور” إلى بؤرة إنتاج” … خفايا تجارة “الكبتاغون” في سوريا

بواسطة Nour sy

اقتصادي – خاص:

 

لم يعد خافياً على أحد، تنامي حجم تجارة الكبتاغون والحشيش في سوريا، التي تحولت مع سنوات الصراع، من بلد لعبور تلك التجارة، إلى بلد للتصنيع، حيث تحولت حسب وصف مركز التحليلات العملياتية والأبحاث – كور (COAR) إلى “البؤرة العالمية لإنتاج الكبتاغون”.

وتدر تجارة المخدر أموالاً كبيرة على النظام السوري وحلفائه من “حزب الله” اللبناني ومقاتلي “الميليشيات الإيرانية”، فضلاً عن استخدام تلك الأموال في تمويل مجالات أخرى، حيث يقوم النظام بضخ الأموال المحصلة من تجارة المخدرات، في جسم مؤسسات الدولة للمحافظة عليها من الانهيار، خاصة بعد فرض قانون قيصر، وخسارة النظام مصدراً للقطع الأجنبي متمثلاً بمناطق كانت تسيطر عليها قوات المعارضة.

ويجري الاستفادة من جزء من أموال تجارة المخدرات في تمويل الآلة العسكرية لجيش النظام، ولوزارتي الدفاع والداخلية كذلك.

 

طرق التهريب:

 

وتتم عمليات التهريب إلى دول العالم يومياً، عبر حدود لبنان والأردن والعراق وتركيا، كذلك عبر الحدود البحرية وتحديداً ميناء اللاذقية بالدرجة الأولى، بينما يعد التهريب عبر لبنان ليس كثيفاً خاصة بعد انفجار ميناء بيروت، كذلك فإن ميناء طرابلس يواجه إشكاليات ومراقبات دولية، فضلاً عن رغبة لبنان بإزالة الوسم عنه بأنه مملكة الكبتاغون وتحييد هذه الصفة إلى سوريا.

وتتم عملية التهريب في الشمال إلى تركيا والعراق بالاستعانة بمقاتلي الإدارة الذاتية من جهة، وميليشيات غرب الفرات الموالية لتركيا وكذلك (جبهة تحرير الشام).

وصادرت السلطات في اليونان وإيطاليا ومصر والأردن والسعودية وغيرها من الدول، في السنوات الأخيرة، مئات الملايين من الحبوب، مصدر معظمها من ميناء على الساحل السوري، في عمليات تجاوزت قيمتها مليار دولار، وفقاً لتقارير في ديسمبر 2021.

 

رعاة المخدرات:

 

إن لتجارة المخدرات في سوريا ذراعين قويين، يتمثل أولهما بالفرقة الرابعة التي تقوم بإدارة عملية تجارة المخدرات، وثانيهما “حزب الله” والميلشيات التابعة له.

وتتحمل القوات الإيرانية مسؤولية نشر تجارة الكبتاغون في سوريا عام 2003، فانتعاش هذه التجارة يعود إلى عوامل عديدة أولها تردي جودة الحياة، بمعنى انعدام توفر الخدمات وقلة السلع وعدم وجود مراكز ترفيهية في ظل سنوات الحرب الطويلة، التي دفعت بالكثير من الشباب للبحث عن مهرب من قسوة الحياة، فكانت اللجان التي ابتدعها النظام أول مخرج للتهرب من الخدمة الإلزامية، إلا أن استمرار تمويل تلك اللجان لم يكن مضموناً.

وشكلت تجارة المخدرات بما تحمله من مغامرات وبما توفره من مال وسيارات، جاذباً للكثيرين للانغماس بها، وبدأت الميليشيات بالبحث عن طرق بديلة لتمويلها، في ظل تذبذب التمويل المقدم من المانحين.

وبدأت الميليشيات المسلحة بمرافقة وتأمين عبور الشحنات في البداية، لكن العمل تطور لاحقاً ليتحول مركز زراعة وتصنيع الحبوب إلى سوريا، فكان سهل القصير والقلمون مركز تلك الزراعة بديلاً عن سهل البقاع اللبناني.

واستناداً لتقرير نشره موقع قناة “الحرة” الأمريكية، فإن الصناعة المنظّمة للحبوب المخدرة ترتكز على شبكة من المصانع المتفرقة تقع في عدة محافظات سورية، هي مصنع “ميديكو” في محافظة حمص، ومعمل منطقة البصة في ريف اللاذقية، إلى جانب “معمل التضامن” الذي تديره “الفرقة الرابعة”، كما أن عدد المصانع التي تنتج فيها أقراص “الكبتاغون” في سوريا تفوق 15 مصنعا، والبعض منها ينتج أدوية مهدئة أخرى، كالمصانع الواقعة في منطقة حسياء على الطريق الدولي الرابط بين دمشق وحمص.، فضلاً عن وجود ورشات متوسطة بحجم مصانع وتتبع لـ”حزب الله” اللبناني، وتتوزع بشكل أساسي في منطقة القصير بريف حمص، وصولا إلى مناطق القلمون.

وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعد سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011، إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجاً واستخداماً وتصديراً.

وذكر تقرير في 2020 لمركز التحليل والبحوث العملياتية البحثي والذي يركز على الوضع في سوريا إن “سوريا أصبحت دولة مخدرات لنوعين رئيسين يثيران القلق هما الحشيش والكبتاغون. وأصبحت سوريا مركزا عالميا لإنتاج الكبتاغون حيث يتم الآن تصنيعه وتطويره تقنيا بمعدل أكبر مما مضى”.

وأضاف التقرير “في عام 2020، وصلت قيمة صادرات سوريا السوقية من الكبتاغون إلى ما لا يقل عن 3.46 مليار دولار”.

 

المخاطر المستقبلية:

 

ولا تبدو خطورة تلك التجارة ظاهرة بالوقت الراهن، لأن آثارها متوسطة وبعيدة المدى هي الأشد خطراً، فاستمرار تلك التجارة يعني استغلال الأموال التي يجب أن تخصص للنهوض بالمجتمع السوري، في تمويل صناعة المخدرات، التي بدأت تؤثر سلباً على سمعة الصناعة السورية خاصة مع ضبط الكثير من الكميات ضمن شحنات مواد أولية أساسية، إضافة للخوف على الصحة العامة في حال انتشر التعاطي بشكل كبير بين أفراد المجتمع.

ومن المتوقع أن يؤدي تفشي هذه التجارة بأكثر إلى ترسيخ للجريمة المنظمة والمساهمة بزيادة الفساد في أجهزة الدولة وغيرها من آثار سلبية.

وتعد حبوب الكبتاغون من المخدرات السهلة التصنيع، وتباع بسعر رخيص في الأسواق، ويرى فيها البعض بديلاً رخيصاً من الكوكايين.

ويصنّف مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الكبتاغون على أنّه “أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة”، وعادة هو مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.

وحبوب “الكبتاغون” هو الاسم التجاري للفينثيالين، الذي يعتبر من مشتقات مادة “الأمفيتامين” المخدرة والمنبهة للجهاز العصبي، ومعروفة محليا في سوريا باسم “أبو هلالين” لأن كل حبة منها تحمل رسما لهلالين.

 

اترك تعليق

مقالات ذات صلة