271
محمد كساح
جاء قرار المصرف المركزي السوري برفع سعر صرف “نشرة السوق الرسمية” بنسبة تتجاوز 35% مفاجئاً، بسبب تزامنه مع انخفاض ملحوظ لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. ما يثير التساؤلات حول المكاسب التي ستجنيها حكومة النظام السوري، على حساب المواطن السوري.
ورفع المصرف المركزي الأحد، سعر الصرف الرسمي للدولار من 8 آلاف و500 إلى 11 ألفاً و500 ليرة للشراء، ومن 8 آلاف و585 إلى 11 ألفاً و615 ليرة للمبيع. وبالتوازي، رفع المصرف سعر الصرف الرسمي لـ”دولار الحوالات”، 300 ليرة، ليصبح الدولار الواحد بـ11500 ليرة.
ويأتي رفع السعر الرسمي للدولار في ظل انخفاض ملحوظ لسعر الدولار في السوق السوداء والذي لا يتجاوز 13 ألفاً و450 ليرة.
عبء معيشي جديد
ومن شأن هذه الخطوة أن تشكل عبئاً إضافياً على أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الحكومة لأنها سترفع أسعار السلع المستوردة، التي تشكل النسبة الأكبر من السلع في السوق السورية.
ويخشى مواطنون من دمشق تحدثوا ، من ارتفاع مرتقب لمعظم أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، لا سيما تعرفة جمركة الموبايلات وأسعار الأسمدة، كما تزيد التسعيرة الجديدة من عبء دفع بدل الخدمة الإلزامية الذي يتقاضاها النظام وفق نشرة “السوق الرسمية”.
وتقول أم أحمد التي تقيم في دمشق ، إن كلفة دفع بدل الخدمة العسكرية ارتفعت وفقا للتسعيرة الجديدة من قرابة 68 مليون ليرة إلى 93 مليون ليرة. وتضيف “لن أتمكن من دفع البدل لابني اللاجئ في تركيا لأن المبلغ ارتفع بشكل كبير”.
إعادة هيكلة الأسعار
ويحاول المصرف المركزي تقليل الفجوة بين السعر الرسمي ونشرة الحوالات، على نحو تتوحد نشرات الصرف. وهذا القرار يتماشى مع محاولة حكومة النظام السوري بجذب الاستثمارات والقروض، سواء من السعودية أو الصين، حسب حديث مدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم .
ويوضح الكريم أن النظام يسعى إلى خلق فرصة أو مناورة يقودها المصرف المركزي لإعادة ترميم الاحتياطي لديه، كما يصب القرار في سياق تقليل الأعباء التي تتحملها مؤسسات الدولة وبالتالي دعم القطاع الخاص، لأن الحكومة لم تعد قادرة على الاستمرار في دعم السلع والخدمات.
ويمكن النظر إلى نشرة السوق الرسمية بمثابة نشرة الدعم التي تقدم من خلالها الحكومة دعمها للقطاعات المختلفة، من خلال تسعيرة صرف أقل من السوق السوداء، ورفع سعر الصرف في النشرة هو تنصل من هذا الدعم بشكل غير رسمي.
في المقابل، يرى الكريم أن القرار سينعكس سلباً على أسعار السلع لأنه بمثابة رسالة للتجار مفادها بأن المصرف المركزي بات في حالة خطرة، ولم يعد قادراً على تمويل الحكومة في الموازنة العامة.
ويتابع أن القرار يؤدي إلى مزيد من انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين لأنهم سيحملون على عاتقهم تمويل الجزء الذي كانت الدولة تتكفل به من الدعم، موضحاً أن الدولة سوف تعيد هيكلة الأسعار لأنها لم تعُد تتماشى مع أسعار صرف الدولار، كون معدل الانكشاف التجاري (الاستيراد) هو أكثر من 90%. والأمر نفسه ينطبق على الخدمات والضرائب.
المقالة منشورة على موقع المدن